للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٩ - (...) وحدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ النَّبِىّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَيُّمَا امْرِئٍ أَبَّرَ نَخْلاً، ثُمَّ بَاعَ أَصْلَهَا، فَلِلَّذِى أَبَّرَ ثَمَرُ النَّخْلِ، إِلا أَنْ يشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ ".

ــ

عداه بخلافه، ويرى أبو حنيفة أن تعلق الحكم به إما للتسمية به على ما يؤبر ولغير ذلك، ولم يقصد به نفى الحكم على من سوى المذكور. وقال بعض أصحابنا: هذا منه دعوى، إذ لا يمكن التنبيه بالمؤبر على ما لم يؤبر، وإنما نبه بالأدنى على الأعلى، وبالمشكل على الواضح، وهذا خارج عن هذين القسمين، مع أن الذى قاله مالك له شبه فى الشرع، وذلك أن الثمرة قبل الإبار تشبه الجنين قبل الوضع، وبعد الإبّار تشبه الجنين بعد الوضع. فلما كانت الأجنة قبل وضعها للمشترى وبعد وضعها للبائع وجب أن يجرى الثمر هذا المجرى.

وأما إذا لم تؤبر وظهر أنها للمشترى - كما بيناه - فهل يجوز للبائع أن يشترطها؟ المشهور فى المذهب عندنا أن ذلك لا يجوز، وعلى إحدى الطريقتين عندنا أن المستثنى منها يجوز ذلك، هكذا بناه بعض شيوخنا وبالإجازة قال الشافعى.

وتلخيص مآخذ اختلافهم من الحديث أن أبا حنيفة استعمل الحديث لفظًا ومعقولاً، واستعمله مالك والشافعى لفظًا [و] (١) دليلاً، ولكن الشافعى استعمل دلالته من غير تخصيص، ويستعملها مالك مخصصة. وبيان ذلك: أن أبا حنيفة جعل التمر للبائع فى الحالين، وكأنه رأى أن ذكر الإبّار تنبيه على ما قبل الإبار للمبتاع، إلا أن يشترطها البائع، وخص مالك بعض هذا الدليل بأنها قبل الإبّار على إحدى الطرق التى ذكرنا عنه وهذا المعنى يسمى فى الأصول معقول الخطاب.

واستعمله مالك والشافعى على أن المسكوت عنه حكمه غير حكم المنطوق به، وهذا يسميه أهل الأصول دليل الخطاب، فإذا كان النطق: من باع ثمرًا بعد الإبار فهى للبائع إلا أن يشترطها المشترى (٢)، كان دليله أنها قبل الإبار للمبتاع، إلا أن يشترطها البائع. وخص مالك بعض هذا الدليل بأنها قبل الإبار تشبه الأجنة، فلا يجوز اشتراطها، وتقوى هذه الطريقة مع القول بأن المستثنى مشترى وإن أبر بعضها ولم يؤبر بعض، بأن كانا متناقضين، بل كل واحد منهما حكم نفسه، وإن كان أحدهما أكثر من الآخر فقيل الحكم كذلك أيضاً، وقيل: الأقل تبع للأكثر ولو كان المبيع أرضًا يزرعها وهو لم يظهر، وفيه


(١) ساقطة من ع.
(٢) فى ع: المبتاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>