إضرارًا به، ولم يعامل على ما يؤذيه ويضر به، فكان من حقه أن يمنع من ذلك.
وأما الفصل الثالث: فإن ذمة المحيل تبرأ على الإطلاق عند الشافعى، ولا تبرأ عند زفر، ومالك يشترط فى البراءة ألا يكون غره من فلس المحال عليه. وتوجيه ما قاله مالك ينتظم الرد على المذهبين بوجه ما قاله مالك؛ أن الحوالة كالبيع، فلهذا جعلت رخصة من الدين بالدين، والبيع ينقل الأملاك، ويبرأ كل واحد من المتعاملين، إلا عند الاطلاع على ما يوجب التراجع كالاستحقاق فى البيع أو العيب، فإذا كان هذا قد باع ذمة بأخرى لم يكن له رجوع على مبايعه، إلا أن يطلع على أنه غره وخدعه، وأحاله على فقير يعلم فقره ويخفى عن المحال، ويكون ذلك عيبًا يوجب له الرجوع.
قال القاضى: قال القاضى أبو الوليد الباجى: إن الإحالة ليست من باب الدين، إذا قلنا بهذا لا تصح إلا من دين حالٍ فى دين ثابت للمحيل على المحال عليه، وإنما هو من باب البيع (١)، أن المحيل تبرأ ذمته بنفس الإحالة. وقال القاضى ابن نصر: هى استثناء من الدين بالدين، كما استثنيت العرية من بيع الرطب بالتمر.