للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَمَلِ، وَعَنْ بَيْعِ الْمَاءِ وَالأَرْضِ لِتُحْرَثَ. فَعَنْ ذَلِكَ نَهَى النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

٣٦ - (١٥٦٦) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ. ح وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا لَيْثُ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لاَيُمْنَعُ فَضْلُ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلأُ ".

٣٧ - (...) وحدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ - وَاللَّفْظُ لحَرْمَلَةَ - أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبَ وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تَمْنَعُوا فَضْلَ الْمَاءِ لِتَمْنَعُوا بِهِ الْكَلأُ ".

ــ

نحن إنما نجيز إجارته، وهذا إنما نهى عن بيعه وقد يكون هذا مخالفًا لذلك، كما يجيز إجارة الظئر للرضاع ويمنع بيع لبنها، فكذلك يجوز إجارة الفحل للنزو بخلاف بيعه، ولعل هؤلاء يرون أن لفظة " البيع " لا تتضمن إنزاءً محدودًا ولا أمرًا معلومًا ينتفع به، فيحملون الحديث على المنع على ذلك.

وقد تعلق المخالف بقوله: " نهى عن عسب الفحل " لأجل أنه لم يذكر فيه لفظة البيع، وهذا - أيضاً - فيه إضمار محذوف. ولأصحابنا أن يقولوا فيه ما قالوا فى الأول، واعتمد المخالف فى المنع على أن المقصود غير معلوم ولا محصل، وذلك يلحقه بالغرر والخطر فيمنع. وأصحابنا لا يسلمون ذلك ويجعلون المعاوضة وقعت على معلوم، والضرورة تدعو لجواز إجارته، فوجب حمل الحديث على ما تأولناه، أو يحمل على الحث على مكارم الأخلاق والندب إلى إعارته لذلك؛ ليكثر التناسل فى الحيوان.

وأما نهيه عن بيع الماء، وفى الطريق الآخر: عن فضل الماء، فاعلم أن من الناس من زعم أن الإجماع قد حصل على أن من أخذ من دجلة ماء فى إنائه وحازه دون الناس أن له بيعه، إلا قولاً شاذًا ذكر فى ذلك لا يعتد بخلافه عنده، ومحمل النهى عن بيع الماء مطلقًا أنه باع مجهولاً منه، أو باع ما لا يحتفره فى أرضه واحتفره للسبيل، أو على أن النهى ندب للإسعاف به لاحتقار ثمنه وعظيم حاجة الناس إليه.

وقد اختلف الناس فيمن حفر بئرًا للماشية فى الفيافى، هل له منع فضله؟ فعندنا ليس له منع ذلك بل يبذله بغير عوض، ومن الناس من قال: لا يمنعه، ولكن ليس عليه بذله بغير عوض بل بقيمته، قياسًا على المضطر لطعام غيره لإحياء نفسه، فإنه لا يحل له منعه، ولكن لا يلزمه بذله بغير عوض، وما وقع هاهنا من نهيه عن بيع فضل الماء يدل على صحة ما قلناه: إن الفضلة لا تمنع.

<<  <  ج: ص:  >  >>