للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَدِينَةِ فَسَفَكُوهَا.

٦٨ - (١٥٧٩) حدّثنا سُوَيْدُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلَةَ - رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ - أَنَّهُ جَاءَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَبُو الطَّاهِرِ - وَاللَّفْظُ لَهُ - أَخْبَرَنَا ابْن وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ وَغَيْرُهُ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَعْلةَ السَّبَئِىِّ - منْ أَهْلِ مِصْرَ - أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ الله بْنَ عَبَّاسٍ عَمَّا يُعْصَرُ مِنَ الْعِنَبِ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَجُلاً أَهْدَى لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاوِيَةَ خَمْرٍ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ قَدْ حَرَّمَهَا؟ " قَالَ: لا، فَسَارَّ إِنْسَانًا.

ــ

فيه دليل على منع الانتفاع بها البتة، وعلى منع تخليلها. ولو كان جائزاً لبين لهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا، وبينه للآخر الذى نهاه عن بيعها وصبها، ولنصحهم فى ذلك ونهاهم عن إضاعة أموالهم، كما نصحهم عند مخافة تحريمها فى الحديث قبل هذا، وكما نبه أهل الميتة على الانتفاع بجلدها. وقد حكاه فى حديث آخر: " صبها "، وجاء فى حديث آخر ذكره مسلم بعد هذا إلخ. سئل - عليه السلام - عن تخليلها فقال: " لا ". ويمنع تخليلها قاله مالك والشافعى وأحمد والعنبرى، وأجاز تخليلها أبو حنيفة والأوزاعى والليث، وحكى عن مالك. وكذلك قال أبو حنيفة: إن عولج بالملح والسمك. حتى صار مدياً جاز، وخالفه صاحبه ابن الحسن وقال: إنما يجوز التخليل فقط. وهو قول أكثر من أجاز تخليلها.

ثم اختلف المانعون لذلك إذا فعل ذلك، فعن مالك فى ذلك قولان؛ أشهرهما: أن تؤكل. وقال الشافعى: خلها حينئذ محرم نجس كما كان قبلى تخليله، وقاله كبراء أصحابنا. وقال الجمهور: إذا صارت خلاً من ذاتها بغير معالجة آدمى أنها تؤكل، وهو قول مالك والشافعى وعامة أصحابهما، وروى عن عمرو بن شهاب وجماعة من السلف والخلف. وحكى القاضى عبد الوهاب وغيره أنه لا يختلف فى جوازه، لكن روى ابن وضاح عن سحنون أنه منع ذلك وإن تخللت من غير صنع آدمى. وفى هذا - أيضاً - يمنع الانتفاع بها للتداوى وغير ذلك من العطش عند عدم الماء أو لتجويز لقمة غص بها. وهذا قول مالك والشافعى وغيرهما. وأجاز ذلك أبو حنيفة وأحمد، وقاله بعض أصحابنا، وروى عن الشافعى نحوه إذا خاف التلف، وقاله أبو ثور.

وقوله: " هل علمت أن الله حرمها؟ ": دليل على جهالة الرجل بهذا الحكم، فلعله كان بإثر التحريم وقبل انتشاره، وقد جاء فى حديث آخر: " أشعرت أن الله حرم الخمر

<<  <  ج: ص:  >  >>