وقوله فى الحديث الأخر: " فإذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شتم يداً بيد " وهو قول أصحاب الحديث، وذهب مالك والأوزاعى والليث ومعظم علماء المدينة والشام [من المتقدمين أنها صنف واحد](١)، وهو قول مروى عن عمر وسعيد وغيرهما من السلف، ولم يختلف قول مالك، إذ الدخن صنف، والذرة صنف، والأرز صنف، وهو قول كافة العلماء. وكذلك العلس عند أكثر المالكية صنف منفرد. وقال الشافعى: هو من أصناف الحنطة، وقاله بعض أصحابنا. واختلف قول مالك فى الفطاتينى، هل هى كلها صنف واحد أو كل جنس منها صنف على حياله؟ وذهب الشافعى إلى أن الشلت صنف مفرد، وقال الليث: الشلت والدخن والذرة والأرز صنف واحد، وقاله ابن وهب، من أصحابنا.
وقوله: " وكان فيما غنمناه آنية من فضة. فأمر معاوية ببيعها "، وذكر إنكار عبادة ابن الصامت لهذا، وذكر نهيه - عليه السلام - عن الذهب بالذهب - الحديث: يحتج بهذا من يجيز اقتناء هذه الأوانى، إذْ لو لَمْ يجز ذلك لجاز بيعه. وقد اختلف العلماء فى ذلك مع اتفاقهم على منع استعمالها وتحريم الأكل والشرب منها. فذهب الشافعى إلى جواز اتخاذها واقتنائها، وأشار إليه بعض شيوخنا، وتأوله على مذهبنا، وقال غير واحد من شيوخنا: اقتناؤها حرام، وظاهر قول بعضهم الكراهة.
وقوله: " فمن زاد أو استزاد فقد أربى ": أى فعل الربا المنهى عنه.
وقوله: " فردَّ الناس ما أخذوا ": يدل على فسخ هذه البيوع الفاسدة، وأنها إذا وقعت على الفساد فسخت، ولم يصح تقويمها على الواجب والصحة إلا بعد فسخها. ويحتمل أن معاوية لم يبلغه هذه السُنة إنما يرى إنكاره لها.
(١) غير واضحة فى ز، وهى مثبتة من صحيح النووى فى سياق شرحه للحديث.