فى التفاضل بين الذهبين. والذهب للمنفرد جميع أجزائه مقابل للذهب والسلعة، فلم يقع التماثل، ولا بيع الذهب بمثله سواء بسواء، ولكن مالك استثنى السيف المحلى إذا كانت حليته تبعاً له، أن يباع بالفضة وإن كانت حليته فضة، وأجاز ذلك؛ لأن الشرع أباح تحليته ونزعه يشق وهو قليل تبع، والاتباع غير مقصودة فى العقود. وأما أبو حنيفة فيجيز ذلك إذا كان الذهب المنفرد، ونحن نمنع فى الحديث فالشرط الذى يكون فى الذهب المنفرد أكثر من الذهب المنظم للسلعة، وإنما يمنع هذا التأويل على المخالف الذى ذكرنا أنه يجيز ذلك على الإطلاق.
ورأيت الطحاوى يفصل عن حديث القلادة بأنه إنما نهى عن ذلك لئلا يغبن المسلمون فى المغانم، وأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تخوف من الغبن، وقد ظهر ما تخوف منه؛ لأنه وجد فى ذهبه أكثر من الثمن، وقد تعسف عندى فى هذا التأويل؛ لأنه قد ذكر أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أمر بنزع الذهب الذى فيها قال له:" الذهب بالذهب وزن بوزن "، وهذا كالنطق بالعلة، وكأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم: إنما أمرتكم بذلك حتى يحصل الذهب بالذهب، سواء بسواء، ولو كان إنما أمر بذلك للغبن لقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الغبن لا يجوز فى المغانم، أو ما يكون هذا معناه.
قال القاضى: وقوله فى حديث فضالة: " انزع ذهبها فاجعله فى كفة، واجعل ذهبك فى كفة، ثم لا تأخذن إلا مثلاً بمثل ": المراطلة فى الذهبين والفضتين جائزة، كانا مسكوكين، أو مصوغين، أو تبرين، أو أحدهما مخالف لصاحبه، اتفق الذهبان فى الجودة أو اختلفا إذا استوت الكفتان. هذا هو المشهور فى المسألة لشيوخنا، خلافاً فى مراطلته بنفسه أو بغيره؛ إذ لا يجوز بيعه جزافاً حتى يعلم وزن ما فى الكفة أو عدده إذا كان يجزى عدداً.
وكذلك إذا اختلفا فى المراطلة بالذهب الجيدة بالرديئة والمغشوشة، ومشهور عندنا مذهب المدونة، ولمالك عند ابن شعبان فهو. كذلك اختلف شيوخنا فى مراطلة المسكوك بالمصوغ أو أحدهما بجنسه لاختلاف الذهبين فى الجودة وبمنع ذلك كله أجيز، والخلاف فى هذه الوجوه مبنى على السكة والصياغة فيهما كالعرضين مع الدنانير أم لا، وهل تجيز