للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، قَالا: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّاءُ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهَ.

(...) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مُطَرِّفٍ وَأَبِى فَرْوَةَ الْهَمْدَانِىِّ.

ــ

رئيس الفلاسفة، وقالت الأطباء: إنه فى الدماغ، ويحكى هذا عن أبى حنيفة. وقد احتج بعض الأئمة من المتكلمين على أنه فى القلب بقوله سبحانه وتعالى: {فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا} (١) فأضاف العقل إلى القلب، وقال تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْب} (٢)، واحتجوا - أيضاً - بهذا الحديث، وقد جعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صلاح الجسد كله وفساده كله تابعًا للقلب [والدماغ من جملة الجسد، فاقتضى ظاهر الحديث كون فساده وصلاحه تبعًا للقلب] (٣)، وهذا يدل على أنه ليس بمحل العقل.

وأمَّا الأطباء، فإنما عمدتهم أنَّ الدماغ يفسد فيفسد العقل، ويكون منه الصرع والهوس عندهم، ويتغير مزاجه فيتغير العقل، ويكون فيه عندهم المالنخونيا، وغير ذلك من العلل التى يسمونها، فاقتضى ذلك عندهم كون العقل فى الدماغ. ولا حجة لهم فى هذا؛ لأن الله - سبحانه - قد يُجرى العادة بفساد العقل عند فساد الدماغ وإن لم يكن العقل فيه، لاسيما على أصولهم فى الاشتراك الذى يذكرونه فى كتبهم بين الدماغ والقلب، نعم وهم يجعلون بين رأس المعدة والدماغ اشتراكًا وينصون (٤) فى كتبهم على أن المالنخونيا على قسمين شرًا سبعية وهى أبخرة عندهم تصعد من نواح قريبة من المعدة، وقد يكون برأس المعدة خلط يبخر لأعلى فيتغير العقل، وهذا منهم نقضٌ لاستدلالهم، والنوع الآخر دماغية وهو من فساد مزاج الدماغ، والعلم عندهم عليهما أن ما دام على وتيرة واحدة وهو من الدماغ وما كان تختلف الأزمان فيه فهو من أسفل البدن، فإذا صعد البخار تحرك وإذا سكن سكن.

قال القاضى: تأمل قول النعمان بن بشير فى هذا الحديث: سمعت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول، وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه، يصحح سماع النعمان بن بشير عن النبى - عليه السلام - كما قال أهل العراق، ويرد ما ذكر يحيى بن معين عن أهل المدينة أنهم لا يصححون له سماعاً من النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد ذكر البخارى (٥) حديثه هذا من طرق، وفى


(١) الحج: ٤٦.
(٢) ق: ٣٧.
(٣) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامش بسهم فى ظ.
(٤) فى ع: وتصدق.
(٥) البخارى، ك البيوع، ب الحلال بين والحرام بين وبينهما مشتبهات (٢٠٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>