محققة، فكيف به مع التساوى الذى لا منفعة فيه محققة؟ فإذا ثبت جواز النَّساء فيما اختلفت أجناسه مما عدا الستة وما فى معناها بالسلم يجوز فى كل شىء تضبطه الصفة.
وقد وقع اختلاف بين مالك وأبى حنيفة، وبين مالك والشافعى فى مسائل، هل يجوز السلم فيها أم لا، وهو اختلاف فى حال، فمن يمنع السلم يعتقد أن الصفة لا تحصر ما منع منه، ومن يجيزه يعتقد أن الصفة تحصره. وهذا مثل ما يقول أصحاب أبى حنيفة: كيف يجيزون السلم فى الجوارى مع اختلافهن فى الرشاقة والملاحة، وأنهن يتفاوتن فى ذلك تفاوتاً عظيماً يختلف الثمن باختلافه؟ ومالك لم يثبت عنده ما قالوا، ورأى أن ذلك مما يضبط المقصود منه أجاز السلم فيهن. وعلى هذا الاختلاف جرى الأمر فى اختلافهم فى غير ذلك من المسائل.
وأمَّا قوله - عليه السلام -: " إلى أجلٍ معلوم ": فقد تعلق به بعض أصحابنا فى افتقار صحة السلم إلى أجل، والمشهور عندنا منع السلم الحال. وكان بعض شيوخنا يخرج من المدونة القول بجواز من سأله إذا اشترى بعروض وباع بمثلها مرابحة، وهو مذهب الشافعى. ومن أجاز السلم الحال يحمل الحديث على أن المراد به: إن كان أجلاً فليكن معلوماً. واختلف القائلون من أصحابنا بإثبات الأجل، فقال بعضهم: ثلاثة أيام، وقال بعضهم: بل أكثر من ذلك مما تتغير فيه الأسواق؛ كنصف الشهر ونحوه، إذا كان يقبض السلم فى البلد بعينه.
قال القاضى: لم يجر فى الأحاديث فى هذا الباب ذكر للصفة، وهى مما أجمع العلماء على شرطها فى صحة السلف، لكن لما كانت العادة فى التمر أنه أجناس وأنواع، ولكل نوع منه اسم وصفة والعرف فى شرائه أن يسمى بجنسه - قام مقام الصفة، ومثل هذا فيما له عرفٌ جائز عندنا.
وشروط السلم عندنا التى لا تصح إلا بها على مشهور مذهبنا خمسة: كونه مضموناً، وموصوفاً بصفة تحصر، ومؤجلاً لأجلٍ معلوم، ومما لا يتعذر وجوده عند أجله، وكونه معلوم القدر من وزن أو كيل أو عدد أو تجر أو مساحة أو درع أو سن، وأن يكون رأس ماله معجلاً أو فى حكم المعجل حتى لا يبعد قبضه بعد اليومين والثلاثة. ولم يجز الكوفيون والشافعى تأخيره عن العقد، والافتراق كالضرب عندهم. وليس من شرطه أن