للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا، فَمَا تَرَكَتِ الفَرَائِضُ فَلأوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ ".

٤ - (...) حدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - وَاللَّفْظُ لاِبْنِ رَافِعٍ - قَالَ إِسْحَاقُ: حَدَّثَنَا. وَقَالَ الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ - أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقْسِمُوا الْمَالَ بَيْنَ أَهْلِ الْفَرَائِضِ عَلَى كِتَابِ اللهِ، فَمَا تَرَكَتِ الْفَرَائِضُ فَلأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ ".

ــ

الأخ للأب ذاتهما، وإن استوت طبقاتهما ومشاركتهما فى الأب الذى يقع به التعصيب فالشقيق زيادة قربهم بمشاركته فى الأم والرحم، فكان أولى، وهكذا يجرى الأمر فى بنيهم وفى العمومة وبنيهم.

وهذا إذا كان الترجيح بمعنى مناسب بجهة التعصيب مثل ما قلنا فى الأخ الشقيق مع الأخ للأب، فإن الإجماع على أن الشقيق أولى بالميراث من الأخ لأب؛ لأنهما اشتركا فى الأخوة من الأب والأم بالشقيق أخوه من الأم فهى أخوّة كلها فكأنها أخوة أقوى من أخوة؛ فلهذا قدم الشقيق باتفاق. وإن كان زيادة الترجيح بمعنى غير ما هما فيه كما بين عم أحدهما أخ لأم فإنها مسألة اختلاف، فقال: يكون بالترجيح هنا قياساً على ما تقدم فى الأخ الشقيق مع الأخ للأب، وحكموا بالمال كله لابن العم الذى هو أخ لأم، السدس بالفرض والباقى (١) بالتعصيب. وروى ذلك عن عمر وابن مسعود، وبه قال شريح والحسن وابن سيرين والنخعى وأبو ثور وداود والطبرى، ولم يثبت آخرون بذلك ترجيحاً فى التعصيب، وحكموا بأن للأخ للأم السدس والباقى يقسم نصفين بينه وبين العم الآخر، روى ذلك عن على وزيد وابن عباس، وذكر عن عمر ما يدل عليه، وبه قال مالك وأبو حنيفة والشافعى وجمهور الفقهاء، والفرق على أهل هؤلاء بين الأخ الشقيق والأخ للأب وبين هذه المسألة ما قدمناه من التنبيه على طريق الترجيح (٢).

وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " فلأولى رجل ذكر ": المراد بأولى هاهنا: أقرب، ولا يراد به: أحق، مثل ما يراد بقولهم: زيد أولى بماله؛ لأنه لو حمل على هذا الخلاء من المكايدة المرادة به؛ لأنه لا يعلم من هذا أن يكون أحق وهو المراد ببابه، وهما أولى الناس بالسؤال عن مثل قوله هاهنا: " فلأولى رجل ذكر "، وقوله فى حديث الزكاة: " لابن لبون ذكر " (٣) والتأكيد إنما يحسن إذا كان مقدماً.

ومعلوم أن الرجل لا يكون إلّا ذكراً، كما أن المرأة لا تكون إلّا أنثى، فلِمَ حَسُن


(١) قيد قبلها بالفرض.
(٢) انظر: الاستذكار ١٥/ ٤٨٢.
(٣) ابن ماجه، ك الزكاة، ب صدقة الإبل ١/ ٥٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>