واختلف - أيضاً - فى ذلك من تقدم من غير أصحابنا، وقد قال محمد بن إسحاق فى سيرته: لم يكن لأبى النعمان بنت، فعلى ما حكاه ابن إسحاق لا يكون حجة فى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" أَكُلّ ولدك نحلته مثل هذا ".
قال القاضى - رحمه الله -: اختلف عن مالك فى تأويل هذا الحديث، فروى عنه أنه قال: أرى ذلك أنه لم يكن له مال غيره، وإنما ذلك فيمن نحل بعض ولده ماله كله. وقد اختلف قول مالك فيمن وهب ماله كله لأجنبى أو لبعض ولده، هل يرد أو يمضى؟ واختلف أصحابه كذلك، فحكى ابن المنذر وغيره عن مالك وغيره من العلماء جواز إعطاء الأب بعض بنيه دون بعض، ونحوه فى كتاب محمد قال: وإنما يكره إذا نحل بعضهم جل ماله. والأشهر عن مالك كراهة ذلك وإجازته إذا وقع، وحكى أحمد بن نصر عنه أنه إن نحل جميع ماله فليرتجعه. وقال ابن القاسم: له ارتجاعه ما لم يمت. وقال سحنون: مَنْ أعطى ماله كله ولدًا أو غيره ولم يبق ما يقوم به لم يجز فعله. قال غيره: مرة حمل مالك الحديث على الوجوب ومرة على الندب. وممن قال بمنعها كرة طاوس وعروة ومجاهد والثورى وأحمد وإسحاق وداود، والآخرون على أنها على الكراهة، ويذهبون إلى تسوية الذكر والأنثى.
وممن قال منهم يجعل للذكر مثل حظ الأنثيين كقسمة الميراث: عطاء والترمذى ومحمد ابن الحسن وأحمد وإسحاق. ووجه الجمع بين ألفاظ هذا الحديث إذ هو واحد وبناؤها سائغ بين وهو أولى من إطراح أحدهما أو توهين الحديث بالاضطراب فى ألفاظه؛ إذ ليس فيه ما يتنافى، وذلك بحمله على الندب والترغيب فى التسوية كما جاء فى بعض طرق حديث جابر: فأخبره رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأكمل الأمور وأولاها ومخافة جر العقوق من بعضهم لذلك، كما نبّه عليه فى الحديث الآخر المتقدم لأعلى الوجوب بدليل قوله:" أشهد غيرى "، وإن