لأنه أطلقه من أسر الرق ليطلق أولئك، ثم إن كل واحد منهم بعد الإطلاق موكول إلى حاله من بقائه بالأرض التى أطلق من أسره فيها أو رجوعه إلى أرضه، فقد يحتمل أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد اطلع من صحة إيمانه ووفق بصدق يقينه من حيث فادى، وأطلقه من الرق بإطلاق الآخرين، وبقى هو حر مع المسلمين لم يرجع إلى دار الكفر، فيكون معنى قوله:" لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح " أى نجوت فى الدنيا من الرق وفى الآخرة من النار، لكنك قلتها وقد ملكت، أفلحت بالنجاة من النار، ولم يتم فلاحك بالحرية. وأما قوله:" هذه حاجتك " التى احتج بها قائل ما تقدم فما فيه عندى ظهور، لما تأوله من أنه اتهمه فى إيمانه، ولو اتهمه فى إيمانه لم يقل له:" لو قلتها وأنت تملك أمرك "، بل كان يقول: لو قلتها من قلبك وصدق نيتك، وإنما معنى " هذه حاجتك ": حاضرة مقضية غير متعذرة.
قال الإمام - رحمه الله -: وأما قوله: " لا وفاء بنذر فى معصية، ولا فيما لا يملك العبد "، ولم يذكر فى ذلك كفارة، خلافاً لمن نذر، زعم أن النذر فى المعصية يكفر، تعلقًا بما ذكره الترمذى وأبو داود:" لا نذر فى معصية الله، وكفارته كفارة يمين "(١). والجريرة: الجناية والذنب. وقد احتج بقوله - عليه السلام - فى ناقته: " لا وفاء بنذر
(١) أبو داود، ك الأيمان والنذور، ب من رأى عليه كفارة إذا كان فى معصية ٢/ ٢٠٨، الترمذى، ك النذور والأيمان، ب ما جاء عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن لا نذر قى معصية ٤/ ١٠٣، عن عائشة - رضى الله عنها.