للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) حدّثنا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِىُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - يَعْنِى ابْنَ زَيْدٍ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ، كِلَاهُمَا عَنْ أَيُّوبَ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ، وَفِى حَدِيثِ حَمَّادٍ قَالَ: كَانَتِ الْعَضْبَاءُ لِرَجُلٍ مِنْ بَنِى عُقَيْلٍ، وَكَانَتْ مِنْ سَوَابِقِ

ــ

فى معصية، ولا فيما لا يملك العبد " أصحاب الشافعى على أن مال المسلم باق على ملكه وإن غنمه الجيش من أرض الحرب وقسموه، وأن صاحبه يأخذه بعد القسمة. ولعلنا أن نتكلم عليه فى كتاب الجهاد إن شاء الله. والعضباء اسم ناقة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وقوله: " هى ناقة منوقة ": أى مذللة، ومنه الحديث الذى فيه: وسار معه على جمل له قد توقد، أى بأرضه وذلله. يقال: جمل منوق ومخيس ومعبد ومديث.

وقوله: " ونذروا بها ": أى علموا بها، يقال: نذِرت بالشىء، بكسر الذال نذارة، أى علمت به، ونذَرت الشىء لله، بفتح الذال، أنذر نذرًا. قال ابن عرفة: النذر ما كان وعدًا على شرط، فكل ناذر واعد وليس كل واعد ناذر، فلو قال قائل: علىَّ أن أتصدق بدينار لم يكن ناذرًا، ولو قال: إن شفى الله مريضى أو ردّ علىّ غائبى فعلىّ صدقة دينار أو غيره، كان ناذرًا.

قال الإمام - رحمه الله -: هذا الذى ذكره ابن عرفة مال إليه بعض الفقهاء، ورأى أن النذر الغير المشروط لا يُسمَّى نذرًا؛ ولهذا استحب الوفاء به، ولا يجب كما يجب المشروط المسمى نذرًا، الداخل فى عموم الظواهر الواردة بالأمر بالوفاء بالنذر. ومال غير هؤلاء من الفقهاء إلى أن الجميع يسمى نذرًا وأنشد قول الشاعر:

الشاتمى عرضى ولم أشتمهما ... والناذرين إذا لم ألقهما دمى

وقول جميل:

فليت رجال فيك قد نذروا ... دمى وهمّوا بقتلى يا بثين لقونى

والأظهر أنّ النذر المذكور فى البيتين غير معلق بشرط.

وقوله: " مجرسة ": أى مذللة. يقال: جرسته الأمور، أى راضته وذللته.

قال القاضى - رحمه الله -: قوله: " مدربة " بدال مهملة معنى مذللة، ومعنى منوقة ومجرسة، كله بمعنى واحد. وفى هذا الحديث جواز سفر المرأة مع غير ذى رحم عند الضرورة، وإنما ذلك مع الاختيار. وقال بعضهم: إن هذا النهى إنما هو فى الأسفار المباحة، وأما الواجبة فى الدين فلا نهى فيها. وهذا لا يصح إلّا عند الضرورات، كضرورة هذه من الهروب من دار الكفر والخروج من الأسر، وقد تقدم الكلام على هذه المسألة فى كتاب الحج.

<<  <  ج: ص:  >  >>