للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يَتُوبُ عَلَيْه} (١)، وحكى الماوردى عن مالك أنه يسقط عنه كل حق إلا الدماء، وهو خطأ عليه، وقيل: لا تسقط التوبة عن المحارب حداً ولا حقاً، وهذا قول ابن عباس وغيره. وعن على: أنها تسقط عنه كل شىء. وقال أبو حنيفة وأصحابه: إنه لا يحد بالشهادة عليه بالزنا القديم، ولا بالإقرار بالسرقة القديمة. وروى عن الشافعى أن التوبة تسقط حد الخمر (٢).

وقوله: " فرجمت ثم صلى عليها "، قال الإمام - رحمه الله -: مالك يكره الصلاة للإمام على من قتل فى حد، وإنما ذلك على جهة الردع. وقد ذكر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لعمر هاهنا وجه صلاته عليها.

قال القاضى - رحمه الله -: يريد صدق توبتها. وهذا يدل على كراهة صلاة أهل الفضل على أهل المعاصى، وهو مذهب مالك فى رواية ابن وهب، لكن لا يتركون بغير صلاة، ويصلى عليه أهله. وبقول مالك قال أحمد بن حنبل.

ولم يختلف العلماء فى الصلاة على أهل الفسوق والمعاصى المقتولين فى الحدود، وإن كره بعضهم ذلك لأهل الفضل؛ ردعًا لأمثالهم، إذا رأى تجنب أهل الفضل الصلاة على مثله، إلا ما ذهب إليه أبو حنيفة وأبو يوسف فى المحاربين، إذا قتلوا أو صلبوا، وكذلك فى الفئة الباغية عندهم، وما ذهب إليه الحسن فى الميتة من نفاس الزنا لا يصلى عليها، وما ذهب إليه الحسن والزهرى فى المرجوم وفى قاتل نفسه أنه لا يصلى عليه، وما قاله قتادة فى ولد الزنا لا يصلى عليه. والناس كلهم على خلاف من ذكرنا فى هذه المسائل، وقد مضى منها فى الجنائز. وهذا الحديث وغيره حجة للكافة.

ووقع فى حديث ابن أبى شيبة: " ثم أمر بها فصَلَّى عليها " بفتح الصاد واللام لجماعتهم. وعند الطبرى: " فصُلى عليها " بضم الصاد، وكذا فى كتاب أبى داود وابن أبى شيبة (٣). وفى كتاب أبى داود - أيضاً -: " ثم أمرهم أن يصلوا عليها " (٤)، لكن حديث أبى غسان بعده ظاهره أنه: عليه السلام - صلى عليها بنفسه لقوله: " ثم صلى عليها "، ولم يذكر مسلم صلاته عليها، عنه. قد ذكرها البخارى (٥) وعلل هذه الرواية


(١) المائدة: ٣٩.
(٢) انظر: المغنى ١٢/ ٤٨٤، ٤٨٥.
(٣) مصنف ابن أبى شيبة، ك الحدود، ب من قال: إذا فجرت وهى حامل انتظر بها حتى تضع ثم ترجم ١٠/ ٨٦ برقم (٨٨٥٨) أبو داود، ك الحدود، ب المرأة التى أمر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجمها من جهينة ٢/ ٤٦٢.
(٤) أبو داود، ك الحدود، ب المرأة التى أمر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ برجمها من جهينة ٢/ ٤٦٢.
(٥) البخارى، ك الحدود، ب الرجم بالمصلى ٨/ ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>