للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى التَّحَوُلِ مِنْ دَارِهِمْ إِلَى دَارِ الْمُهَاجِرِين، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ - إِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ - فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرِينَ وَعَلَيْهِمْ مَا عَلَى الْمُهَاَجِرِينَ، فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يتَحَوَّلُوا مِنْهَا، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ، يَجْرِى عَلَيْهِمْ حُكْمُ الله الَّذِى يَجْرِى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، وَلا

ــ

وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجرى عليهم حكم الله الذى يجرى على المؤمنين، ولا يكون لهم فى الغنيمة والفىء شىء [إلا] (١) أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فاسألهم الجزية، فإن هم أجابوك فأقبل منهم وكف عنهم، وإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم ": كذا روايتنا، وكذا فى جميع النسخ فى أول الكلام: " ثم ادعهم إلى الإسلام وصوابه: " ادعهم " بإسقاط " ثم "، وكذلك جاء فى غير كتاب مسلم (٢)، وكذا رواه أبو عبيد فى كتاب الأموال بإسقاط " ثم "، وأبو داود فى مصنفه وغيرهما؛ لأن ذلك هو تفسير الثلاث خصال التى ذكر قبل هذا وليست أشياء أخر غيرها وبعدها.

قال الإمام: وهو يوهم أنها غير الثلاث خصال، إنما دخلت " ثم " هاهنا لاستفتاح الكلام والأخذ فى التفسير.

وأما قوله فى التحول: " أنهم لهم ما للمهاجرين، فإن أبوا فكالأعراب " فيمكن أن تكون الإشارة لتمييز المهاجرين عن غيرهم، ولو لم يكن إلا يغزوهم مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وخروجهم معه كلما خرج، فيستحقون الغنائم. ولعله على هذا نبه بقوله: " فيكونون كأعراب المسلمين ولا يكون لهم من الغنيمة والفىء شىء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين ".

قال القاضى: قد يحتمل أنه على وجهه؛ لانهم إذا لم يجاهدوا لم يكن لهم جزء من الغنائم، وخمسها إنما يدفعه الإمام باجتهاده، ولاشك أن من خرج عن بلاده وأمواله يحتاج من المرافق ما لا يحتاج المقيم بها، فكان المهاجرون أولى بالخمس. وكذلك كان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يزيدهم على الأنصار، للعلة التى ذكرناها من استغناء الأنصار عن ذلك، وأنه كان يريد إعطاء المهاجرين حتى لا يحتاجون إلى مواساة لهم؛ ولهذا لما فتحت عليه الفتوح وجاء الله - سبحانه - بالخير أمرهم برد ما كان الأنصار منحوهم من الأموال.


(١) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.
(٢) أبو داود، ك الجهاد، ب فى دعاء المشركين ٢/ ٣٥، الترمذى، ك السير، ب ما جاء فى وصيته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى القتال ٤/ ١٦٢ (١٦١٧) وقال: حسن صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>