التى لا تورث عن الأنبياء - صلوات الله عليهم - لا ما يتركون من طعام أو دابَّة وأسباب وسلاح. واحتجوا بقوله:" ما تركت بعد نفقة نسائى "(١)، وأن ظاهر هذا ما تأولوه، ولم يكن الأمر كذلك لأن نفقة نساء النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أوجبها لهذا فيما ترك لا على طريق الميراث، بل يحق كونهن محبوسات عن الأزواج بسببه، أو لما لهن من الحقوق فى بيت المال. لقدم هجرتهن وفضلهن. والاْول أظهر لتخصيصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إياهن بالذكر، وكذلك اختصاصهن بمساكنهن لحياتهن؛ بدليل أنه لم يرثها ورثتهن عنهن.
وحكى الماوردى أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعطاهن ذلك. ووصى لهن بدورهن. ولا امتراء أن الحديث كان مشهوراً أيام أبى بكر وعمر - رضى الله عنهما - إذ كان قد قرره أبو بكر على علىّ والعباس وفاطمة - رضى الله عنهم - وذكرته عائشة لأزواج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حينئذ، وأيضاً نفى الحديث فى كتاب مسلم أن فاطمة - رضى الله عنها - سألته ميراثها مما أفاء الله سبحانه على رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة وفدك وبقية خمس خيبر.
وفى ترك فاطمة منازعة أبى بكر - رضى الله عنهما - بعد احتجاجه عليها بالحديث التسليم والإجماع على القضية، وأنها لما بلغها الحديث أو بين لها التأويل تركت رأيها إذ لم يكن بعد ولا أحد من ذريتها فى ذلك طلب بالميراث، وإذ قد ولى على - رضى الله عنه - الأمر فلم يعدل به عما فعل فيه أبو بكر وعمر - رضى الله عنهما - فدل أن طلب على والعباس إنما كان طلب العباس تولى القيام على ذلك بأنفسهما أو قسمته بينهما كما تقدم.
وما ذكر من هجران فاطمة لأبى بكر - رضى الله عنهما - إنما معناه انقباضها عن ترك لقائه وترك مواصلته، وليس مثله هذا من الهجران المحرم من ترك السلام والإعراض - هنا فلم تكلمه، أى فى هذا الأمر أو فى غيرها لانقباضهما عنه، فلم تطلب منه حاجة ولا اضطرت إلى كلامه، ولم يأت فى خبر أنهما التقيا فلم تسلم عليه ولا كلمته.
وفى قول عمر - رضى الله عنه -: جئتما تكلمانى وكلمتكما واحدة، جئت يا عباس تسلمنى نفسك من ابن أخيك، وجاءنى هذا يسلبنى نصيب امرأته من أبيها: فيه إشكال مع تعريف أبى بكر لهم قبل هذا بالحديث، وأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يورث، فمعناه الكل واحد إنما كانت القيام وحده على ذلك، ويحتج هذا بحكم نصيبه وحفه من ولاية النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالعمومة، وهذا بحكم حق زوجه ونصيبها من قربى النبوة، لا أنهما طلبا منه ما قد