للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكِ بْنِ أَوْسِ بْنِ الحَدَثَانِ. قَالَ: أَرْسَلَ إِلَى عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ حَضَرَ أَهْلُ أَبْيَات مِنْ قَوْمِكَ. بِنَحْوِ حَدِيثِ مَالِك. غَيْرَ أَنَّ فِيهِ: فَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهُ سَنَةً. وَرُبَّمَا قَالَ مَعْمَرٌ: يَحْبِسُ قُوتَ أَهْلِهِ مِنْهُ سَنَةً، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِىَ مِنْهُ مَجْعَلَ مَالِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

ــ

عرفا منع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهما منه مما منعهما منه أبو بكر - رضى الله عنه - وبينه لهما وسلما له ذلك، ثم لعمر أول أمرهما، ثم جاءا مرة أخرى يطلب كل واحد منهما الانفراد بذلك. وقد جاء فى بعض الآثار أن عمر - رضى الله عنه - قال لهما أول مرة: إن شئتما طابت نفس أحدكما للآخر دفعتها إليه، على أن يعطيه لتعلمن (١) به بما عمل أبو بكر - رضى الله عنه - وذكر أن العباس طابت نفسه بدفعها لعلى - رضى الله عنه - فكان ذلك، ثم اختلفا بعد حول فرجعا إلى عمر - رضى الله عنه - فهذا دليل أن نزاعهما أولاً وآخراً فى ولايتها لا فى تمليكها، ويدل على صحة هذا قوله فى مسلم: " فدفعها إلى على وعباس فغلبه عليها " (٢) يعنى علياً.

قال أهل العلم: وفى هذا الحديث من السنن والفقه أنه يجب أن يولى أمر كل قبيل سيدهم، ويسند أمر كل جماعة لكبيرهم (٣)؛ لأنه أعرف بمصالحهم وأسرار أحوالهم. وفيه جواز نداء الرجل غيره باسمه من غير تكنيه وترخيمه على عادة العرب. وفيه جواز حجاب الخلفاء والأئمة فى بعض الأوقات ليتفرغ لما يخص من أمور المسلمين ويعنيه من أحواله. وفيه قبول خبر الواحد والقضاء به. وفيه الشفاعة عند الإمام. وفيه حض على فصل الحق. وفيه استشهاد الإمام على ما يقوله بحضرة الخصمين من حضره من العدول، لتقوى حجته فى إقامة الحق وقمع الخصم، وتقرير الشهود والخصمين على ما يعترفون (٤) من الحق. وفيه الانقياد للسنن والرجوع للحق عن التأويل إذا ظهر بطلانه.

وقوله: " إن الله قد خص رسوله بخاصة لم يخصص بها أحداً غيره ": وقيل: معناه - والله [أعلم] (٥) -: تحليل المغانم له ولأمته، أو كونها له، أو تخصيصها (٦) مما أفاء الله عليه على قول أكثرهم ملكاً كما قال بعضهم، أو تصريفاً وحكماً كما عليه الجمهور. وهذا الوجه أظهر لاستشهاد أبى بكر - رضى الله عنه - على هذا بالآية.

وفيه جواز تنزيه الإنسان [نفسه] (٧) ومدحها إذا اضطر إلى ذلك، كما فعل عمر -


(١) فى س: لتعملن.
(٢) حديث رقم ٥٤.
(٣) فى س: لأميرهم.
(٤) فى س: يعرفون.
(٥) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.
(٦) فى س: تخصيصه.
(٧) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>