للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنُ أَبِى عُمَرَ المَكِىُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، نَحْوَهُ.

٥٦ - (١٧٦١) وحدَّثنى ابْنُ أَبِى خَلَفٍ، حَدَّثَنَا زَكْرِيَّاءُ بْنُ عَدِىٍّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ المُبَارِكِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ ".

ــ

وإنما هو بمعنى الخبر، أى لا يقسمونه، أى إنى لا أخلفها. وذهب ابن علية وبعض أهل البصرة أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يورث؛ لأن الله - سبحانه - خصه بأن جعل ماله كله صدقة.

قال القاضى: وقوله: " لا ": وفيه قول الجمهور، وهو أصح وأشهر وأولى.

بمعنى الحديث، إذ آخر الحديث راجع إليه ومفسر له. من قوله: " ما تركت صدقة " لأنه جاء به بغير واو العطف [وتأول سياق الكلام، ولو كان كما قال لكانت جملتين منقطعتين يحتاج لابتداء الثانية واو الابتداء أو واو العطف] (١).

وقوله: " ما تركت بعد نفقة نسائى ومؤونة عاملى فهو صدقة ": رفع للإبهام الذى دخله بتغيير الإعراب من تقدم؛ إذ لا يتفق له هنا دعوى الحال والنصب وتحريف الكلام. وقوله: " ومؤونة عاملى ": فقيل: هو القائم على هذه الصدقات والناظر فيها، وقيل: كل عامل للمسلمين من خليفة وغيره؛ لأنه عامل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى أمته، وقيل: العامل هنا حافر القبر، وهذا بعيد، إذ لم يكونوا يحفرون حينئذ بأجرة، فكيف له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. استدل بعضهم من هذا الحديث أن الحبس لا يكون بمعنى الوقف [حتى تقول ... الوقف صدقة ... على أحد قولى مالك وتسميته ترك صدقة بمعنى الوقف] (٢) لمصالح المسلمين، لا بمعنى ما يعرف أصله ويملك للمتصدق عليه.

وللوقف ثلاثة ألفاظ: وقف وحبس وصدقة، إذا كان المراد بها بمعنى الوقف. وقد اختلف المذهب عندنا إذا أطلق مجرد أحد هذه الألفاظ لمعين، هل يكون مؤبداً؟ أو يكون بمعنى العُمْرَى ترجع لمالكها حتى لو كان اللفظ بصدقة حبس؟ أو لا تباع ولا توهب أو مؤبداً أو لا يورث؟ وقد قال بعض أصحابنا: وإن لفظ الوقف من بينهما على التأبيد بلا خلاف، بخلاف اللفظين الأخريين. وقد قيل: وإنها وإن كانت لمعين فسواء أطلق، أو قال: حبس صدقة، وكذلك قيل: هى لا تباع ولا توهب، فهى على معنى التعمير حتى الآن، حتى يذكر التأبيد أو ما يرفع الإشكال.


(١) و (٢) سقط من الأصل، والمثبت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>