للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنَ المَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ المَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. يَا مُحَمَّدُ، وَاللهِ، مَا كَانَ عَلَى الأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَد أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الوجُوهِ كُلِّهَا إِلَىَّ - واللهِ، مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَىَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ كُلِّهِ إِلَىَّ. وَاللهِ، مَا كَانَ مِنْ بَلِدٍ أَبْغَضَ إِلَىَّ مَنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ البِلادِ كُلِّهَا إِلَىَّ وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِى وَأَنَا أُرِيدُ العُمْرَةَ. فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ. فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: أَصَبَوْتَ؟ فَقَالَ: لا، وَلَكِنِّى أَسْلَمْتُ مَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلا، وَاللهِ لا يَأتِيكُمْ مِنَ اليَمَامَةِ حَبَّةُ حِنْطَةٍ حَتَّى يَأذَنَ فِيهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

٦٠ - (...) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الحَنَفِىُّ، حَدَّثَنِى عَبْدُ الحَمِيدِ

ــ

إن جنابته فى حال الكفر ذمها الإسلام وأبطل حكمها، فلا يلزمه غسل. وقد ألزمه بعض شيوخنا أن يصلى بغير وضوء، ويكون حدثه الأصغر أبطل حكمه الإسلام.

قال القاضى: بإيجاب الغسل عليه قال أحمد وأبو ثور، وبسقوط وجوبه عليه قال الشافعى، قال: وأحب إلى أن يغتسل، ونحوه لابن القاسم. ولمالك - أيضاً - أنه لم يعرف الغسل، رواه عنه ابن وهب وابن أبى أويس.

وقوله: " فانطلق إلى نخلٍ قريب من المسجد ": كذا ضبطناه فى كتاب مسلم والبخارى (١). قال بعضهم: صوابه: " بنجل " بالجيم، وهو الماء القليل المنبعث. وقيل: الجارى. قال ابن دريد: النجل أول ما ينبعث من البئر إذا حفرت. واستنجل الوادى: إذا ظهر ماؤه. وفى تكرار النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليه السؤال أياماً ثلاثة [طعاماً] (٢) فى إسلامه، واستئلافاً لمثله من أشراف الناس ليسلموا فيتبعهم من وراءهم، ثم تركه هو الإجابة حتى من عليه دليل على صحة يقينه وعلو همته، وأنه لم يسلم على القسر والقهر أو من اختياره وطيب نفسه.

وقوله: " إن خيلك أخذتنى وأنا أريد العمرة " وأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمره أن يعتمر. هذا وإن لم يكن واجباً عليه ما عقده فى الكفر فهو مستحب ليتم ما عقده لله - سبحانه - وإن لم يلزمه حين كفره، وأن يكون يفعل ذلك بعد إسلامه فينال أجره، ولما فى ذلك من غيظ


(١) البخارى، ك المغازى، ب وفد بنى حنيفة وحديث ثمامة بن أثال ٥/ ٢١٤.
(٢) هكذا فى الأصل، ولا نعرف لها معنى مع السياق، ولكن الأصح: طمعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>