للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٣ - (...) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ العَبْدِىُّ، حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِى حُمَيْدُ بْنُ هِلالٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ بْنَ مُغَفَّلٍ يَقُولُ: رُمِىَ إِلَيْنَا جِرَابٌ فِيهِ طَعَامٌ وَشَحْمٌ، يَوْمَ خَيْبَرَ، فَوَثَبْتُ لآخُذَهُ. قَالَ: فَالْتَفَتُّ فَإِذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ.

ــ

الشافعى والثورى والأوزاعى وأحمد بن حنبل وأبو ثور وأبو حنيفة وأبو يوسف (١). وذكر ابن المنذر والخطابى أن هذا مما لم يختلف فيه أهل العلم، إلا أن الأوزاعى شرط فى هذا إذن الإمام (٢). وكذلك فيما قل قدره مما يحتاج إليه كالجلد تقطعه خفافًا ونعلا والإبرة وشبهها، فأجازه مالك وغيره، ونحوه قول ابن حنبل، ومنع ذلك الشافعى وأصحاب الرأى جملة. قال الشافعى: وعليه قيمته إِنْ تلف وأجرة استعماله وما نقصه الانتفاع. ولم يختلف فيما بغ من طعام وغيره إذ ثمنه مغنم.

وقوله فى الحديث: " فرآنى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستحييت منه ": أى لما رآه يحرص على أخذه، أو لقوله: " لا أعطى اليوم منه أحداً شيئاً ". وفيه أن الزكاة لا تتبعض؛ إذ لو تبعضت لم تكن إلا على ما يجوز أكله لهم ويحل، ولو لم تجز على الشحم ونعمه لما حل لنا أكله. وفيه جواز أكل شحوم اليهود التى حرمت عليهم، وهو مذهب مالك وأبى حنيفة والشافعى وعامة الفقهاء، إلا أنه مكروه فى المشهور عن مالك، وهو عند غيره دون كراهة، وله نحوه أيضاً. وذهب كبراء أصحاب مالك إلى تحريمها، وحكى ابن المنذر ومحمد بن مالك نحوه، وهو مبنى على أن الزكاة تتبعض، وأنه لا تعمل فيما حرم كما لا تعمل فى اللحم. ومالك فى المشهور عنه والكافة لم تقم عندهم فيه دلالة على التحريم، وقد أحل لنا طعامهم. وجاءت هذه الآثار فى أكل شحومهم فلم يحرم عندهم، لكن مالكاً لما كان المباح طعامه وليس الشحم من طعامهم الذى أحل لهم اتقاه.

وفيه جواز أكل ذبائح أهل الكتاب، وقد أجمع أهل العلم على حلها إذا ذكر اسم الله عليها (٣) وأكثر العلماء على أن المراد بقوله: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُم} (٤) أنها


(١) المغنى ١٣/ ١٣٢، ١٣٦.
(٢) انظر: مختصر سنن أبى داود ٤/ ٣٥، ٣٦.
(٣) الشحم فى الحيوان هو جوهر السمن، والعرب تسمى سنام البعير شحماً، وبياض البطن شحماً، والجمع شحوم. هذا فى اللغة، أما عند العلماء فهو الذى يكون فى الجوف من شحم فى الكلى أو غيره. ويقول البعض: الشحم كل ما يذوب فى النار مما فى الحيوان، والألفاظ التى ذات صلة بها: الدهن، وهو ما يدهن به من زيت وغيره، وهو أعم من الشحم؛ لأنه يكون من الحيوان والنبات، والشحم لا يكون إلا من الحيوان، وكذلك الدسم وهو الودك، ويتناول الإلية والسنام وشحم البطن والظهر والدهن، فهو أعم من الشحوم. انظر: اللسان، المغنى ٨/ ٨١٠.
(٤) المائدة: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>