للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَرَاهُ مَكَانَهَا. فَمَحَاهَا، وَكَتَبَ: " ابْنُ عَبْدِ اللهِ "، فَأَقَامَ بِهَا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، فَلَمَّا أَنْ كَانَ يَوْمُ الثالِثِ قَالُوا لِعَلِىّ: هَذَا آخِرُ يَوْمٍ مِنْ شَرْطِ صَاحِبِكَ، فَأمُرْهُ فَلْيَخْرُجْ، فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ. فَقَالَ: " نَعَمْ "، فَخَرجَ وَقَالَ ابْنُ جَنَابٍ فِى رِوَايَتِهِ مَكَانَ " تَابَعْنَاكَ ": " بَايَعْنَاكَ ".

ــ

معجزته بالأمية، وأن لفظ " كتاب " يحتمل أن يرجع إلى أمره بذلك؛ إذ يقال: قتل الأمير، وقطع السارق، وإنما أمر به، واحتجوا بالرواية الأخرى: فقال لعلى - رضى الله عنه -: " اكتب: من محمد بن عبد الله "، والأولون يقولون: إنما وصفه الله - سبحانه - بأنه لم يتل ولم يخط من قبل تعليمه، كما قال من قبله، فكما جاز أن يتلو فكذلك جاز أن يخط، ولا يقدح هذا فى كونه أمياً؛ إذ ليست المعجزة مجرد كونه أمياً، وإنما المعجزة أن كان أولاً كذلك ثم جاء بعلوم لا يعلمها الأميون ولم يقدح ذلك فى حالته، فكذلك يجوز أن يكون بخط فلا يقدح فيه، بل يكون تأكيداً فى معجزته. قالوا: وظاهر قوله: " ولا يحسن أن يكتب فكتب " كالنص أنه هو بنفسه كتب، وعدوله إلى غيره تجوز فى الكلام، وحمل على ما لم يفهم منه لغير ضرورة. وطال كلام كل فرقة فى هذا الباب وشنعت كل واحدة على صاحبتها، {فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلا} (١).

وقوله فى الشرط: " أن يدخلوا مكة فيقيموا بها ثلاثاً ": وذلك أن المهاجر لا تحل له الإقامة بمكة أكثر من ثلاث، وهذا أصل فى مدة الإقامة فى تقصير الصلاة فى السفر أنها فيما زاد على الثلاث (٢)، وأن الثلاث غير إقامة. وهذا الشرط إنما كان من العام القابل، وأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غير بدنه وتحلل. وهذا الحديث أصل فى تفسير قوله عز وجل: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْي} (٣)، وقد تقدم فى الحج بيانه، ومعنى الكلام هناك على معنى " حصر " و " أحصر ". واختلفت رواية مسلم هنا، فعند أكثرهم: " لما حصر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وعند السمرقندى: " [لما] (٤) أحصر ".

وقوله: " لما أحصر عند البيت ": كذا فى جميع النسخ، وفى رواية ابن الحذاء: " عن البيت " وهو الوجه.

قال الإمام: وقوله: " ولا يدخلها إلا بجُلُبَّان السلاح: السيف وقرابه ": قال الأزهرى: القراب: غمد السيف، والجلبان: شبه (٥) الجراب من الأدم يوضع فيه السيف مغمود، فيطرح فيه الراكب سوطه وأداته، ويعلقه من آخرة الرحل أو واسطته. و [قد] (٦) قال شمر: كان اشتقاق الجلبان من الجلبة، وهى الجلدة التى تجعل على القتب، والجلدة التى تغش التميمة لأنها كالغشاء للقراب، يقال: أجلب قتبه: إذا غشاه الجلبة. وروى ابن قتيبة فى هذا الحرف: " جلُبَّان " بضم اللام وتشديد الباء، والجلبان: أوعية السلاح بما


(١) الإسراء: ٨٤.
(٢) سبق تخريجه.
(٣) البقرة: ١٩٦.
(٤) ساقطة من س.
(٥) فى س: مثل، والمثبت من الأصل، ع.
(٦) زائدة فى الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>