للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩٤ - (١٧٨٥) حدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ - وَتَقَارَبَا فِى اللَّفْظِ - حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ سِيَاهٍ، حَدَّثَنَا حَبِيبُ بْنُ أَبِى ثَابِتٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ، قَالَ: قَامَ سَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ يَوْمَ صِفِّينَ فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّهمُوا أَنْفُسَكُمْ، لَقَدْ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الحُدَيْبِيَةِ، وَلَوْ نَرَى قِتَالاً لَقَاتَلْنَا، وَذَلِكَ فِى الصُّلْحِ الَّذِى كَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ. فَجَاءَ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ، فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَالَ: " بَلَى ". قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلانَا فِى الْجَنَّةِ وَقَتْلاهُمْ فِى النَّارِ؟ قَالَ: " بَلَى ". قَالَ: فَفِيمَ نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِى دِينِنَا، وَنَرجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمَ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ: " يَابْنَ الْخَطَّابِ، إِنِّى رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَنِى اللهُ أَبَدًا ". قَالَ: فَانْطَلَقَ عُمَرُ فَلَمْ يَصْبِرْ مُتَغَيِّظًا، فَأَتَى أَبَا بَكْرٍ فَقَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْنَا عَلَى حَقٍّ وَهُمْ عَلَى بَاطِلٍ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: أَلَيْسَ قَتْلانَا فِى الْجَنَّةِ وَقَتْلاهُمْ فِى

ــ

لأنه الأمد الذى عاقد عليه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل مكة. وقيل: إنما كان عاقدهم على ثلاث سنين. وقيل: على أربع.

فأما على ما يؤخذ من الكفار فجائز ما كان من مال أو روس من أحرارهم أو عبيدهم، وإن كانت مما يغيرون به ويأخذونه من غيرهم، وهو قول الأوزاعى وأحمد وإسحاق واختلف إذا كان من أبنائهم ونسائهم، فمنعه أبو حنيفة قال: لأن الصلح وقع عليهم وعلى ذراريهم، وأجازه أصحاب مالك إذا كتبوا ذلك فى شرط عهدهم، فإن لم يكتبوه فلا يجوز: ولهؤلاء من العهد ما لرجالهم، ونحوه عن مالك.

واختلف إذا دعت ضرورة لشغل المسلمين بفتنة، أو غدر آخر، أو خوف استيلاء العدو عليهم، هل يصالحونه على أن يعطيهم المسلمون مالاً؟ فأجاز ذلك الأوزاعى، ومنعه الشافعى إلا أن يخافوا استئصال العدو لهم (١).

وقول سهل بن حنيف يوم صفين: " اتهموا أنفسكم " وذكر كراهة المسلمين صلح الحديبية: يريد سهل بن حنيف بتبصير الناس ما فى الصلح من الخير، وأنه قد يدل - وإن كان ظاهره مكروهاً - إلى المحبوب، كما كان فى شأن الحديبية، وإنما كان ذلك لما ظهر فى أصحاب على - رضى الله عنه - من كراهة شأن التحكيم ومراوضة الصلح، وكان الظهور لهم حتى رفع لهم أهل الشام المصاحف ودعوهم إليها، ورغبوا فى المصالحة. وما كان مراجعة عمر - رضى الله عنه - النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى شأن صلح الحديبية وما عظم على قلوب


(١) انظر: التمهيد ٢/ ٣٤، ١٢/ ١٢٤، الحاوى الكبير ١٤/ ٢٩٦، ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>