للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّارِ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَعَلامَ نُعْطِى الدَّنِيَّةَ فِى دِينِنَا، وَنَرجِعُ وَلَمَّا يَحْكُمِ اللهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ؟ فَقَالَ: يَابْنَ الْخَطَّابِ، إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ، وَلَنْ يُضَيِّعَهُ اللهُ أَبَدًا. قَالَ: فَنَزَلَ الْقُرْآنُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَتْحِ، فَأَرْسَلَ إِلَى عُمَرَ فَأَقْرَأَهُ إِيَّاهُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَو فَتْحٌ هُوَ؟ قَالَ: " نَعَمْ " فَطَابَتْ نَفْسُهُ وَرَجَعَ.

٩٥ - (...) حدَّثنا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ العَلاءِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْر، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ يَقُولُ - بِصِفِّينَ -: أَيُّهَا النَّاسُ، اتَّهِمُوا رَأيَكُمْ. وَاللهِ، لَقْد رَأَيْتُنِى يَوْمَ أَبِى جَنْدَلٍ وَلَوْ أَنِّى أَسْتَطِيعُ أَنْ أَرُدَّ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَرَدَدْتُهُ. وَاللهِ، مَا وَضَعْنَا سُيُوفَنَا عَلَى عَواتِقِنَا إِلَى أَمْرٍ قَطُّ، إِلا أَسْهَلْنَ بِنَا إِلَى أَمْرٍ نَعْرِفُهُ، إِلا أَمْرَكُمْ هَذَا. لَمْ يَذكُرِ ابْنُ نُمَيْرٍ: إِلَى أَمْرٍ قَطُّ.

ــ

المسلمين منه وكرهوه، وما خالطهم من الحزن والكآبة، لرجوعهم دون تمام عمرتهم، وصد الكفار لهم عن البيت، وتثبطهم عن التحلل، رجاء تمام ما خرجوا عليه، وقهر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لهم على (١) الصلح، وكانوا متبصرين في قتال عدوهم، وكان ذلك رأيهم، والله ورسوله أعلم بمصلحتهم ولهذا قال عمر - رضى الله عنه -: " علام نعطى الدنية فى ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم؟ ". والدنية: النقيصة والحالة الخسيسة. والدنى بغير هاء: الخسيس من كل شىء، ومنه قوله: المنية ولا الدنية (٢)، أى ولا الحالة التى توجب على الإنسان ذلاً وخساسة.

وجواب النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما جاوبه به من تثبته ووعده الفتح الذى كان من خيبر ثم من مكة، ولم يكن ما كان من عمر - رضى الله عنه - وسؤاله له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عما سأله [عنه] (٣) شكاً [من عمر] (٤) ولا ريباً، بل كشفاً لما خفى عنه من ذلك، وحثاً على إذلال الكفر، وحرصاً على ظهور المسلمين، بما كان عليه من القوة والعزة فى دين الله.

وموافقة جواب أبى بكر لما جاوبه به النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، دليل على فضل علمه وإيمانه، وقوة يقينه على سائرهم.

وقوله.: " ما وضعنا أسيافنا على عواتقنا لأمر يفظعنا ": أى يشق علينا ويعظم.

وقوله: " إلا أسهلن بنا إلى أمر نعرفه ": استعارة بنزول السهل من الأرض، والخروج إلى السعة من الضيق، وإلى اللين من الشدة.


(١) فى الأصل: عن، والمثبت من س.
(٢) وهذا مثل شائع على الألسنة.
(٣) ساقطة من الأصل، والمثبت من س.
(٤) سقط من الأصل، والمثبت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>