للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - (...) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ المَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ جَابِرِ ابْنِ سَمُرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " لا يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِيًا مَا وَليَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلاً ". ثُمَّ تَكَلَّمَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَةٍ خَفِيَتْ عَلىَّ، فَسَأَلتُ أَبِى: مَاذَا قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: " كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ ".

(...) وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِهَذَا الحَدِيثِ. وَلَمْ يَذْكُرْ: " لا يَزَالُ أَمْرُ النَّاسِ مَاضِيًا ".

ــ

والسؤال الثانى: أنه قد ولى أكثر من هذا العدد؟

وهذا اعتراض غير لازم فإنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل: لا يلى إلا اثنا عشر خليفة، وإنما قال: " يلى اثنا عشر خليفة "، فقد ولى هذا العدد، وكان ما أعلم به النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم ولى غيرهم. هذا إن جعل اللفظ واقعاً على كل والٍ، وقد يحتمل أن يكون المراد به: مستحقى الخلافة من أئمة العدل، وقد مضى منهم من علم، ولابد من تمام العدد قبل قيام الساعة إن كان هذا مُراد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: إنهم يكونون فى زمن واحد يفترق الناس عليهم.

ولا يبعد أن هذا قد كان إذا تتبعت التواريخ. فقد كان بالأندلس منهم وحدها فى عصر واحد بعد أربعمائة وثلاثين سنة: ثلاثة، كلهم يدعيها ويلقب بها، ومعهم صاحب مصر كذلك، وخليفة الجماعة العباسى ببغداد إلى من كان يدعى ذلك فى ذلك الوقت أيضاً فى أقطار الأرض من بلاد البرابر وخُراسان من العلوية والخوارج وغيرهم. ويعضد هذا التأويل قوله فى كتاب مسلم بعد هذا: " ستكون خلفاء فتكثر " قالوا: فما تأمرنا؟ قال: " فوا بيعة الأول فالأول " (١). وقد يحتمل أن المراد بذلك إعزاز الخليفة (٢) وإمارة الإسلام، واستقامة أمرها، و [الاجتماع] (٣) على من تقدم لها، كما جاء فى كتاب أبى داود: " كلهم تجتمع عليه الأمة " (٤)، وهذا قول قد وجد فيمن اجتمع عليه إلى أن اضطرب أمر بنى أمية، واختلفوا وتقاتلوا زمن يزيد بن الوليد على الوليد بن يزيد، واتصلت فتونهم، وخرج عليهم بنو العباس فاستأصلوا أمرهم، وهذا العدد موجود صحيح إلى حين خلافتهم إذا اعتبر.

وقد يحتمل وجوهاً أخر، الله أعلم بمراد نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها.


(١) سيأتى إن شاء الله فى ك الإمارة، ب وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء.
(٢) فى س: الخلافة.
(٣) فى ص: الإجماع.
(٤) أبو داود، ك المهدى ٢/ ٤٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>