للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٩ - (١٨٢٨) حَدَّثَنِى هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِى حَرْمَلةُ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُمَاسَةَ، قَالَ: أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلهَا عَنْ شَىْءٍ. فَقَالتْ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ. فَقَالتْ: كَيْفَ كَانَ صَاحِبُكُمْ لكُمْ فِى غَزَاتِكُمْ هَذِهِ؟ فَقَالَ: مَا نَقِمْنَا مِنْهُ شَيْئًا، إِنْ كَانَ ليَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا البَعِيرُ فَيُعْطِيهِ البَعِيرَ، وَالعَبْدُ فَيُعْطِيهِ العَبْدَ،

ــ

قوله: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ} (١) أى أصحاب المنزلة الرفيعة، {وَأَصْحَابُ الشّمَالِ} (٢) أى أصحاب المنزلة الخسيسة وقيل: يسلك بهم يميناً إلى الجنة، وقيل: لأن الجنة عن يمين الناس، وقيل: سُموا بذلك؛ لأنهم أخذوا بذلك كتبهم بأيمانهم، وقيل: لأنهم ميامين على أنفسهم. وبضد هذا كله أصحاب الشمال وأصحاب المشأمة. وقيل: سموا أصحاب اليمين، لأن الله - تعالى - أودعهم أول الخلق جانب آدم اليمين، وضده أصحاب الشمال.

وفى قوله: " وكلتا يديه يمين ": تنبيه أنه لم يرد بيمين الرحمن ولا بيده هنا الجارحة، تعالى الله عنها؛ إذ لو كان المراد الجارحة لكان لها مقابلة الشمال، ويكون فيهما تحديد لله - تعالى - وتقدير جهات له، عز وجل عن ذلك، وذلك إنما يصح فى الأجسام والمتحيزات والمقدرات.

وقول عائشة: كيف كان صاحبكم فى غَزاتكم؟ قال: ما نقمنا عليه شيئاً، قال الإمام: أى ما كرهنا، أو ما فى معناه.

قال القاضى: يقال فى هذا: نقم ينقم، ونقم ينقم إذا أنكر وكره، وقُرئ بهما جميعاً: {وَمَا نَقَمُوا} (٣) و " وما ينقموا ". وأما من الانتقام فبفتح الماضى.

وقولها: " أما إنه لا يمنعنى الذى فعل فى محمد بن أبى بكر - أخى - أن أحدثك الحديث ": تعنى: قتله له. فيه أن قول الحق وذكر فضل ذى الفضل مرغب فيه مع العدو والصديق، وكان هذا الأمير المذكور على يديه جرىء مثل محمد بن أبى بكر بمصر، وأنه كان صاحب الجيش المتحرك إلى محمد بمصر فى فتنة معاوية، وهو كان أمير هذه الغزاة التى ذكرت فيها عائشة ما ذكرت فى كتاب مسلم.

واختلف أهل التاريخ فيمن كان من الأمراء صاحب الجيش لحرب محمد بمصر، فقيل: عمرو بن العاص، فيما قاله خليفة بن خياط، وقيل: معاوية بن خديج التجيبى، فيما قاله الهمذانى، قال: وكان سيد تجيب ورأس اليمانية بمصر، وهو الذى عنت عائشة بقولها هذا فيه فى هذا الحديث.

واختلف فى صفة قتل محمد بن أبى بكر، فقيل: قُتل فى المعركة، وقيل: جىء به


(١) الواقعة: ٢٧.
(٢) الواقعة: ٤١.
(٣) البروج: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>