للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَلِكَ الخَيْرِ شَرٌّ؟ قَالَ: " نَعَمْ ". قُلْتُ: كَيْفَ؟ قَالَ: " يَكُونُ بَعْدِى أَئِمَةٌ لا يَهْتَدُونَ بِهُدَاىَ، وَلا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِى، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلوبُهُمْ قُلوبُ الشَّيَاطِينِ فِى جُثْمَانِ إِنْسٍ ". قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: " تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ، وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ، وَأُخِذَ مَالُكَ، فَاسْمَعْ وَأَطِعْ ".

٥٣ - (١٨٤٨) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ، حَدَّثَنَا جرِيرٌ - يَعْنِى ابْنَ حَازِمٍ - حَدَّثَنَا غَيْلانُ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِى قَيْسِ بْنِ رِيَاحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ، وَفَارَقَ الجَمَاعَةَ، فَمَاتَ، مَاتَ مَيْتَةً جَاهِليَّةً. وَمَنْ قَاتَلَ تَحْتَ رَايَةٍ عُمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أَوْ يَدْعُو إِلَى عَصَبَةٍ، أَوْ يَنْصُرُ عَصَبَةً، فَقُتِلَ، فَقِتْلةٌ جَاهِلِيَّةٌ، وَمَنْ خَرَجَ عَلى أُمَّتِى، يَضْرِبُ بَرَّهَا وَفَاجِرَهَا، وَلا يَتَحَاشَ مِنْ مُؤْمِنِهَا، وَلَا يَفِى لِذِى عَهْدٍ عَهْدَهُ، فَليْسَ مِنِّى وَلسْتُ مِنْهُ ".

ــ

وقوله: " من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات مات ميتة جاهلية ": بكسر الميم، أى على هيئة ما مات عليه أهل الجاهلية، من كونهم فوضى لا يدينون لإمام.

وقوله: " من خلع يداً من طاعة لقىَ الله ولا حجة له ": لأنه محجوج بفراق الجماعة وتفريق الألفة، ولا حجة له فى فعل ما فعله ولا عذر ينفعه.

وقوله: " ومن قاتل تحت راية عُمِّية ": يقال: بكسر العين وبضمها، وكسر الميم وتشديدها وتشديد الياء، قال الإمام: قيل: الأمر الأ [عمى] (١) كالعصبية، لا يستبين ما وجهه، قاله أحمد بن حنبل. وقال إسحاق -: هذا فى تجارح (٢) القوم وقتل بعضهم بعضاً، وكأنه من التعمية وهو التلبيس. وفى حديث ابن الزبير: " يموت ميتة عمية ": أى ميتة فتنة وجهل.

قال القاضى: وقوله: " يغضب لغضبه أو يدعو إلى غضبه، أو ينصر غضبه ": كذا رواية العذرى بالغين والضاد المعجمتين. ورواية غيره فيها كلها: " عصبة " بالمهملتين، وهو يؤيد تفسير ابن حنبل المتقدم فى العمية، ويدل على صحتها الحديث بعدها:، يغضب للعصبة، ويقاتل للعصبية "، وفى معناها الرواية الأخرى، أى أنه إنما يقاتل لشهوة منه وغضبها له أو لقومه وعصبيته.

وقوله: " من خرج على أمتى يضرب برها وفاجرها، لا يتحاش من مؤمنها، ولا


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) فى الأصل: تهاحرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>