للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى مَسْكَنِهِ الَّذِى خَرَجَ مِنْهُ، مَعَ مَا نَالَ مِنْ أَجْرِ أَوْ غَنِيمَةٍ ".

١٠٥ - (...) حَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لا يُكْلمُ أَحَدٌ فِى سَبِيلِ اللهِ، وَاللهُ أعْلمُ بِمَنْ يُكْلمُ فِى سَبِيلِهِ، إِلا جَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ وَجُرْحُهُ يَثْعَبُ، اللوْنُ لوْنُ دَمٍ وَالرِّيحُ رِيحُ مِسْكٍ ".

ــ

كقوله: " ضمن " فى الرواية الأخرى، ومعناه هنا: أنه تعالى أوجبه له بفضله. قيل: وهذا الضمان والكفالة بما سبق فى أزل علمه، وما صرح به فى كتابه بقوله: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} الآية (١). قال بعض العلماء: وليس فى الآية شرط بأنهم يقتلون بكل حال، بل ذكر الحالين فقال: {فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} (٢)، ولهذا قال بعض الصحابة: ما أبالى قتلت فى سبيل الله أو قُتِلت، ثم تلا الآية.

وقوله: " أن يدخله الجنة ": له وجهان: أحدهما: أن يدخله إياها عند موته، كما جاء فى الشهداء فى كتاب الله: {أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} (٣)، ويحتمل أن يريد دخوله الجنة عند دخول السابقين والمقربين لها دون حساب ولا عقاب ولا مؤاخذة بذنب، وإذ الشهادة كفارة لما تقدم من ذنوبه، كما جاء فى الحديث الآخر بعد هذا.

وقوله: " أو يرجعه إلى مسكنه مع ما نال من أجر أو غنيمة ": فيه وجهان: أحدهما: مع ما نال من أجر مجرد إن لم تكن غنيمة أو أجر وغنيمة إذا كانت، فاكتفى بذكر الأجر أولاً عن تكراره، وقيل: " أو " ها هنا بمعنى الواو، وقد روى أبو داود: " من أجر وغنيمة " (٤)، وكذا وقع عندنا فى الأم فى حديث يحيى بن يحيى. وقيل: فيه أن الغنيمة لا تنقص من الأجر، خلافاً لمن ذهب لذلك للأثر الذى ذكره بعد هذا. وقال أبو عبد الله بن أبى صفرة: فيه أن المجاهدين لما وجدناهم غير متساوين فى الأجر متساوين فى القسم فى الغنيمة، دل أن أجورهم استحقوها بالقتال والغنيمة بفضل الله تعالى عليهم.

وقوله: " ما من كلم يُكلم فى سبيل الله ": الكلم: الجرح.

وقوله: " إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كُلم ": قيل: فى هذا دليل أنه لا يُغسل الشهيد، وأنه يحشر على هيئته التى مات عليها.

قوله: " والله أعلم بمن يُكلم فى سبيله ": تنبيه على أن هذا من أخلص نيته لله - تعالى - وخرج ابتغاء مرضاته ونصر الله. وظاهر السبيل هنا الجهاد، وقيل: قد يكون هذا الفضل


(١) و (٢) التوبة: ١١١.
(٣) آل عمران: ١٦٩.
(٤) أبو داود، ك الجهاد، ب فضل الغزو فى البحر ٢/ ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>