من الجسد فيكون له معنى، أو يكون القرب هنا بضم القاف والراء جمع قراب وهما مما يجعل فيه الراكب سيفه وخفيف آلته وزاده، فيكون له أيضاً وجه.
وقوله:" لئن أنا حييت حتى آكل تمراتى هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما معه فقاتلهم حتى قتل "، ومثله الحديث الذى بعده. فيه جواز الاستقتال فى الحرب، ومنية الشهادة، وحمل الإنسان وحده على الكفار إن علم أنهم يقتلونه فى حملته تلك، وليس هو من إلقاء اليد إلى التهلكة، وقد فعله كثير من الصحابة والسلف، وروى عن عمر بن الخطاب وأبى هريرة وعلى مما أجازه هذا، قالوا فيه:{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ}(١) ونحوها من الآيات. وروى عن مالك مثله فى الرجل إذا علم من نفسه قوة وعنى أن يبارز الجماعة.
وقال محمد بن الحسن: لو حمل واحد على ألف وحده لم يكن به بأس إذا طمع فى نجاة أو نكاية، أو أن يفعل المسلمون مثل فعلته أو يرهب العدو بما يريهم من صلابة المسلمين فى دينهم، وإلا فهو مكروه، إلا أنه كره العلماء أن يفعل ذلك من يكون رأس كتيبة، وعلم إن أصيب هلك من معه من الجيش. فالصواب ألا يتعرض للقتل إلا أن يضطر إلى ذلك، وقد روى - أيضاً - عن عمر كره هذا الاستقتال، وقال: لأن أموت على فراشى خير من أقتل بين يدى صف، يعنى يستقتل. ورأى بعضهم هذا من إلقاء اليد للتهلكة، النهى عنه فى الآية. وأحسن ما قيل فى هذه الآية: أنها فى ترك الإنفاق فى الجهاد والخروج له، وقيل فى تأويل الآية غير هذا من الإسراف فى الإنفاق، وقيل: اليأس والقنوط من رحمة الله.
وقوله:" أبواب الجنة تحت ظلال السيوف ": وهذه استعارة، يعنى أن الجهاد وحضور المعارك سبب لدخولها ومقرب إليها.