للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٢ - (...) وحدَّثناه مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحِ بْنِ المُهَاجِرِ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنِ حَبَّانَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ خَالَتِهِ أُمِّ حَرَامِ بِنْتِ مِلحَانَ؛ أَنَّهَا قَالَتْ: نَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا قَرِيبًا مِنّى، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَتَبَسَّمُ. قًالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، مَا أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: " نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ، يرْكَبُونَ ظَهْرَ هَذَا الْبَحْرِ الأَخْضَرِ "، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ.

ــ

حجر تطوى الثبجة يقول: أعطوا الوسط فى الصدقة لا من خيار الأموال ولا من [رذالتها] (١).

قال القاضى: قال الخطابى: الثبج: أعلى متن الشىء، قال غيره: ثبج متن البحر: ظهره، وقد جاء فى الحديث الآخر: " يركبون ظُهر البحر ".

وقوله: " ملوكاً على الأسرة أو كالملوك على الأسرة ": بين فى الحديث أنه شك من الراوى، وقد جاء فى الحديث [الآخر] (٢) بغير شك: " كالملوك على الأسرة "، وأن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنما قال أحدهما. فيه تأويلان: أن أحدهما أراد مصالحهم فى الآخرة، كما قال تعالى: {عَلَى سُرُرٍ مَّوْضُونَة} (٣)، {عَلَى الأَرَائِكِ مُتَّكِئُون} (٤). وقيل: يحتمل إذ يريد حالهم فى الدنيا من ركوب مراكب الغزاة، وسعة حالهم، وقوة أمرهم، وكثرة عددهم، وجودة آلتهم، فكأنهم الملوك على أسرتهم.

وقوله لها فى المرة الثانية بعد أن دعا لها فى المرة الأولى: " أنت من الأولين ": يدل أن رؤياه الثانية غير الأولى، وأنه فى كل نومه عرض عليه صنف غير الآخر، وفيه جواز ركوب البحر للجهاد لسرور النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما عرض عليه من ذلك، وكذلك ينبغى للحج. وفيه جواز ركوب النساء فيه. وقد كرهه لهن مالك؛ لأنهن غالباً لا يمكنهن التستر ولا غض البصر عن المتصرفين، ولا يؤمن انكشاف عوراتهم فى تصرفهم ونظر النساء إليهم شديد، مع شدة الخوف عليهن فى هذا الباب، ولاسيما فيما صغر من السفن، وضرورتهن إلى قضاء الحاجة مع حضور الرجال، قالوا: وهو فيما كبر من السفن، وحيث يختصصن بأماكن يستترن فيها جائز.

وروى عن عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - إباحته عام الرمادة، ولا خلاف فى منع ركوبه حين ارتجاجه، وقيل: إنما منعه العمران - رضى الله عنهما - للتجارة، وطلب


(١) فى ع: رذالته.
(٢) فى نسخ الإكمال سقط حرفان من آخر الكلمة.
(٣) الواقعة: ١٥.
(٤) يس: ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>