للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَيْتَةٌ. ثُمَّ قَالَ: لا، بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِى سَبِيلِ اللهِ، وَقَدْ اضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا. قَالَ: فَأَقَمْنَا عَليْهِ شَهْرًا، وَنَحْنُ ثَلاثُمِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا. قَالَ: وَلقَدْ رَأَيْتُنَا نَغْتَرِفُ منْ وَقْبِ عَيْنِهِ بِالقِلالِ الدُّهْنَ، وَنَقْتَطِعُ مِنْهُ الفِدَر كَالثَّوْرِ - أَوْ كَقَدْرِ الثَّوْرِ - فَلقْد أَخَذَ مِنَّا أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، فَأَقْعَدَهُمْ فِى وَقْبِ عَيْنِهِ، وَأَخَذَ ضِلعًا مِنْ أَضْلاعِهِ، فَأَقَامَهَا، ثُمَّ رَحَلَ أَعْظَمَ بَعِيرٍ مَعَنَا، فَمَرَّ مِنْ تَحْتِهَا، وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لحْمِهِ وَشَائِقَ. فَلمَّا قَدِمْنَا المَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لهُ. فَقَالَ: " هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللهُ لكُمْ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لحْمِهِ شَىْءٌ فَتُطَعِمُونَا؟ " قَالَ: فَأَرْسَلنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ، فَأَكَلهُ.

١٨ - (...) حَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعَ عَمْرو جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ ثَلاثُمِائَةٍ رَاكِبٍ، وَأَمِيرُنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ، نَرْصُدُ عِيراً لِقُرَيْشٍ. فَأَقَمْنَا بِالسَّاحِلِ نِصْفَ شَهْرٍ، فَأَصَابَنَا جُوعٌ شَدِيدٌ، حَتَّى أَكَلنَا الخَبَطَ، فَسُمِّىَ جَيْشَ الخَبَطِ. فَأَلقَىَ لنَا البَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لهَا العَنْبَرُ، فَأَكَلنَا مِنْهَا نِصْفَ شَهْرٍ، وَادَّهَنَّا مِنْ وَدَكِهَا حَتَّى ثَابَتْ أَجْسَامُنَا. قَالَ: فَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ضِلعًا مِنْ أَضْلاعِهِ فَنَصَبَهُ، ثُمَّ نَظَرَ إِلَى أَطْوَلِ رَجُلٍ فِى الجَيْشِ، وَأَطْوَلِ جَمَلٍ فَحَمَلهُ عَليْهِ، فَمَرَّ تَحْتَهُ. قَالَ: وَجَلسَ فِى حِجَاج عَيْنِهِ نَفَرٌ. قَالَ: وَأَخْرَجَنَا مِنْ وَقَبِ عَيْنِهِ كَذَا وَكَذَا قُلةَ وَدَك. قَالَ: وَكَانَ مَعَنَا جِرَابٌ مِنْ تَمْرٍ، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِى كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا قَبْضَةً قَبْضَةً، ثُمَّ أَعْطَانَا تَمْرَة تَمْرَةً، فَلمَّا فَنِىَ وَجَدْنَا فَقْدَهُ.

١٩ - (...) وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الجَبَّارِ بْنُ العَلاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قَالَ: سَمِعَ عَمْرو جَابِرًا يَقُولُ فِى جَيْشِ الخَبَطِ: إِنَّ رَجُلاً نَحَرَ ثَلاثَ جَزَائِرَ، ثُمَّ ثَلاثًا، ثُمَّ ثَلاثًا. ثُمَّ نَهَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ.

ــ

وأعطى أبو (١) عبيدة لهم تمرة تمرة إنما كان فى الحال الثانى بعد أن فنى زادهم وطال لبثهم، وفسره فى الحديث الآخر. فإنما أخبر فى الحديث الأول عن مثال الحال لا عن أوله وظاهر ما بين فى الثانى إنما كان تمرة تمرة، فهو بعد أن قسم عليهم قبضة قبضة، ثم فقدوها عند تمام ذلك، كما قال فى الحديث الآخر: " لقد وجد [نا] (٢) فقدها حين فنيت ". وانتفعوا بهذه التمرة ببركة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وما زودهم فى ذلك ما ذكر فى الحديث من أكلهم الخبط مع ذلك حتى سمى. جيش الخبط، ومعهم التمرة، وتطيب أفواههم بها.


(١) فى نسخ الإكمال: أبا، وهو تصحيف.
(٢) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>