للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٠ - (...) وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ - يَعْنِى ابْنَ سُليْمَانَ - عَنْ هِشَامِ ابْنِ عُرْوَةَ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: بَعَثَنَا النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ ثَلاثُمِائَةٍ، نَحْمِلُ أَزْوَادَنَا عَلى رِقَابِنَا.

٢١ - (...) وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ، عَنْ مَالِكِ ابْنِ أَنَسٍ، عَنْ أَبِى نُعيمٍ، وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ؛ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً، ثَلاثَمِائَةٍ، وَأَمَّرَ عَليْهِمْ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الجَرَّاحِ، فَفَنِىَ زَادُهُمْ، فَجَمَعَ أَبُو عُبَيْدَةَ زَادَهُمْ فِى مِزْوَدٍ، فَكَانَ يُقَوِّتُنَا، حَتَّى كَانَ يُصِيبُنَا كُلَّ يَوْمٍ تَمْرَةٌ.

ــ

وقوله: " وجمع أبو عبيدة زادهم فكان يقوتنا ": يحتمل أن أبا عبيدة فعل ذلك بمرضاتهم وموافقتهم عليه، وإن كان بعضهم قد فنى زاده وليس معه شىء على طريق المواساة قبل، ويحتمل أنه بحكم أداه إليه اجتهاده، أو خشى عليهم أو على بعضهم الهلاك، ورأى عند بعضهم ما يكفيه فألزمهم التساوى فيما عندهم، والأولى أنه كان بتراضيهم وموافقتهم عليه كما جاء فى حديث الأشعريين فى مثل هذه القصة (١)، وكما قال تعالى فى وصفهم: {رُحَمَاءُ بَيْنَهُم} (٢).

وقد استدل بعض العلماء من هذا الحديث وما جاء من مثله عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من جمع الأزواد عند الحاجة؛ أن للإمام إذا رأى من عنده فضله قرت إجباره على بيعه وإخراجه فى المجاعة. وقد ألزم عمر أهل كل بيت مثل عددهم عام الرمادة، ويحتفل عندى - وهو أيضاً ظاهر العادة - أن أبا عبيدة فعل ذلك إذا رأى أن أكثر ما كان عندهم من الزاد، وما بقى إنما كان مما زودوا به من مزودهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو غيره مما أعطوه معونة لهم، ومثل هذا معلوم من فعل الصحابة، ولم يخص واحداً دون آخر، وكان حقهم فيه سواء، فعدل بينهم فيه عند الضرورة، وكان حالهم فيه أولاً مع الإخسار خلاف ذلك، بأخذ كل واحد قدر حاجته. قيل: وفيه جمع الأزواد فى السفر، قال بعض العلماء: وهو سنة، وأن يَخْرج القوم إذا خرجوا بِعُفَّتِهم جميعاً وهو أحرى إن يبارك لهم وأطيب لأنفسهم.

وقوله: " فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم، وإذا به دابة تدعى العنبر، قال أبو عبيدة: ميتة. ثم قال: لا، بل نحن رسل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد اضطررتم "، وذكر إقامتهم عليها شهراً وهم ثلاثمائة حتى سمنوا - الحديث: وفيه أنهم تزودوا منها


(١) البخارى ك الشركة، ب الشركة فى الطعام ٣/ ١٨٤.
(٢) الفتح: ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>