للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ــ

ذلك؛ لأن أكل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مما حملوه عنها وبيانه لهم حلها يقضى على تأويلهم والحجة به، وقول مالك فى موطئه: له أن يأكل حتى يشبع ويتزود، وهو قول غيره، وذكر أنه أحسن ما سمع. وحكى عنه ابن المنذر وعبد الوهاب أنه يأكل منها ما يقيم رمقه، وهو قول عبد العزيز بن الماجشون وابنه وابن حبيب والحسن والنخعى وقتادة فى آخرين، قالوا: ثم لا يأكل منها حتى لا يضطر إلى ذلك ثانية، قال عبد الملك: إن تغذى حرمت عليه يومه، وإن تعشى حرمت عليه ليلته.

واختلفوا فى سفر الباغى والعاصى بسفره، فقال: لا رخصة، وإنما رخص لمن خرج فى سفر طاعة وغير معصية، وهو قول مجاهد وابن جبير وغيرهما، وتأولوا قوله تعالى: {غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ} (١)، وهو قول الشافعى ورواية آخر عندنا، وقول ابن حبيب، وقال آخرون بجواز ذلك له، وهو مشهور قول مالك وأصحابه وأبى حنيفة، وظاهر قول ابن عباس، وقال: غير باغ فى الميتة ولا عاد فى الأكل، واليه نحا إسماعيل القاضى قال: لأن قتله نفسه إذا لم يأكل معصية ثانية.

قال الإمام: وأما قوله: " كنا نضرب بعصينا الخبط " (٢): وهو أن نضرب الشجر بعصا لتتحات ورقه، واسم الورق المخبوط خبط، وهو من علف الإبل.

وقوله: " من وقب عينه " (٣): يعنى داخل عينه، من قوله سبحانه: {وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَب} (٤)، [يعنى] (٥): دخل فى الظلمة.

وقوله: " يزودنا من لحمه وشائق " (٦): قال أبو عبيد: هو اللحم يؤخذ فيغلى إغلاءةً ويحمل فى الأسفار، ولا ينضج فيتهرأ (٧). يقال: وشقت اللحم فاتشق، والوشيقة: القديد، ومنه الحديث: " فتواشقوهم بأسيافهم " (٨)، أى قطعوه كما يقطع اللحم إذا قدد.

وقوله: " حتى ثابت أجسامنا " (٩): أى رجعت إلى ما كانت عليه، والراجع هو الثائب، من ثاب يثوب.

وقوله: " فى حجاج عينه " (١٠): يقال: حِجاج وحَجاج، بفتح الحاء وكسرها.


(١) البقرة: ١٧٣.
(٢) و (٣) حديث رقم (١٧) بالباب.
(٤) الفلق: ٣.
(٥) من ع.
(٦) حديث رقم (١٧) بالباب.
(٧) انظر: الهروى فى غريب الحديث ٣/ ٢٣، ٤/ ٤٠٣.
(٨) لقد ورد فى النهاية لابن الأثير، ولفظه: " وقد تواشقوه بأسيافهم ". النهاية ٥/ ١٨٩، وابن جرير في التاريخ ٢/ ٥١٠، الاستيعاب ١/ ٣٥٢، البخارى فى صحيحه ٥/ ١٢٥.
(٩) و (١٠) حديث رقم (١٨) بالباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>