للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الظُّفُرُ فَمُدَى الحَبَشَةِ ". قَالَ: وَأَصَبْنَا نَهْبَ إِبْلٍ وَغَنَمٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَرَمَاهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ

ــ

الدم، وليس فيه معنى يمنع من حصول التذكية فالتذكية به تصح، وأما ما استثناه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من السن والظفر، فقد اضطرب العلماء فى ذلك. والذى وقع فى مذهبنا منصوصاً: التفرقة بين المتصل فى ذلك والمنفصل، فيمنع حصول التذكية بالسن والظفر المتصلين بالإنسان، ويحصل التذكية بالمنفصلين عنه إذا تأتت بهما التذكية. وقد وقع فى بعض ما نقل عن مالك المنع مطلقاً، ووقع لبعض أصحابنا ما يشير إلى صحة التذكية مطلقاً إذا أمكنت بهما. فمن منع على الإطلاق أخذ بعموم الحديث، لا سيما والإشارة للتعليل منه بالعظم يدل على المساواة بين المتصل والمنفصل لكون السن عظماً فى الحالين.

وأما الإجازة على الإطلاق فيحتمل الحديث على أن المراد به سن يصغر عن التذكية، ولا يسلم القول بالعموم فيه. ولذلك ندعى التخصيص والتعليل فنقول: لما علم أن العظم لا تتأتى به الذكاة، وأن ذلك مما تعلمونه أحال التعليل عليه، وأما المنصوص من المذهب فهو التفرقة فكأنه يرجع إلى هذا القول الآخر الذى هو الإجازة على الإطلاق؛ لأن المجيز على الإطلاق يشترط كون التذكية متأتية بهما، ولكنه لم يعين الوجه الثانى وعينه فى المنصوص، فرأى أن كونه متصلاً يمنع من الثانى، ومنفصلاً لا يمنع منه؛ فلهذا فرق بينهما.

وأما العظم فإنه يجوز التذكية به إذا أمكن ذلك، ولم ير فيه نص خلاف، وتعليل النهى فى الحديث به يقتضى أن يقال فيه ما قيل فى السن، وقد كان بعض شيوخنا يشير إلى هذا [ويجريه مجرى السن] (١)، ويعتل بما عللناه من التعليل به فى الحديث.

فإن قيل: ما وجه أمره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذابح هنا بالعجلة؟ قيل: يحتمل أن يكون ذلك لأن الحديد يجهز القتل بحدته وغيره لا يفعل ذلك، فإذا لم يشرع الذبح به خشى أن يقتل الذبيحة بالضغط والخنق، فكان الأحوط الإسراع فى الفعل، وهذا يظهر صوابه الحسن.

وقوله: " أما الظفر فمدى الحبشة، وأما السن فعظم قال القاضى: فيه بيان أن العلة فى الظفر كونه مدى الحبشة وأنه به يذبح، وقيل: يغرز أظفارها فى موضع الذبح فيخنقه، وهذا تنبيه على المتصل. وقوله: " وأما السن فعظم " تنبيه على علته، وحجة لمن منعه بالعظم، وظاهره فى المتصل والمنفصل، وبه يحتج المخالف.

وقد اختلف الناس فى الذبح بهما فذهب النخعى والحسن بن صالح والليث والشافعى وفقهاء أصحاب الحديث إلى منع الذكاة بالعظم والظفر كيف، وأجازوه بما عداهما للحديث المتقدم، وهو قول مالك فى كتاب محمد بن القصار؛ أنه حقيقة مذهب مالك. وذهب أبو


(١) سقط من الأصل، والمثبت من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>