وقوله:" فلما فرغ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الطعام أماثته فسقته تخصه بذلك ": يعنى ما أنقعت له من تمر، كذا رويناه بالثاء المثلثة فى الأولى والمثناة فى الثانية.
قال الإمام: وقع فى بعض النسخ: " أماتته " بتائين، كل واحدة منهما معجمة باثنتين فوقها. وفى بعض النسخ:" أماثته " بالثاء المعجمة ثلاثاً أو ما بعدها معجمة باثنتين، ومعناه: إذا إذابته. قال ابن السكيت:[يقال: ماث الشىء يمثه ويموثه موثاً وموثاناً: أذابه. لكن ابن السكيت](١) ذكره ثلاثياً، والذى وقع فى الحديث هنا رباعياً.
قال القاضى: الوجهان فيه معروفان، رباعى كما جاء فى الحديث، وثلاثى كما قال ابن السكيت. وفسره غيره بمعنى: غركته ولبنته ليستخرج قوته وعسيلته، وهو أحسن عبارة وأولى بالتفسير. وقال الهروى: مثت الشىء أمثه وأمتثه: دقته، وهو بهذا المعنى وقد تقدم تفسيره، وقال آخر فى أماث الطعام: لينه، وكله بمعنى.
وقوله:" تخصه بذلك ": أى تخص به النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إذ لم يكن ذلك الشراب يتسع لكل من حضر الوليمة. فيه جواز خصوص بعض أهل الوليمة والحاضرين بنوع من اللبن والطعام دون الآخرين، لأن هذا موكول إلى صاحب الدعوة، لكن مكارم الأخلاق وحسن المروءة توجب اجتناب هذا لئلا يخدش الصدور. ولا يعترض على قولنا بما ذكرناه من تخصيص هذا للنبى بكرامتها، فإن الكل كان مسروراً بتخصيصها إياه، مفضلاً له على نفسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كذا جاء هذا اللفظ عند مسلم " تخصه "، وكذا رواه بعض رواة البخارى وعند