للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَتْ: لا تَفْضَحْنِى بِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ مَعَهُ. قَالَ: فَجِئْتُهُ فَسَارَرْتُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا قَدْ ذَبَحْنَا بُهَيْمَةً لَنَا، وَطَحَنَتْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ كَانَ عِنْدَنَا، فَتَعَالَ أَنْتَ فِى نَفَرٍ مَعَكَ. فَصَاحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " يَا أَهْلَ الْخَنْدَقِ، إِنَّ جَابِرًا قَدْ صَنَعَ لَكُمْ سُورًا، فَحَيَّهَلا بِكمْ ". وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تُنْزِلُنَّ بُرْمَتَكُمْ، وَلا تَخْبِزُنَّ عَجِينَتَكُمْ، حَتَّى أَجِىءَ ". فَجِئْتُ وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْدُمُ النَّاسَ، حَتَّى جِئْتُ امْرَأَتِى. فَقَالَتَ: بِكَ، وَبِكَ. فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ الَّذِى قُلْتِ لِى. فَأَخْرَجَتْ لَهُ عَجِينَتَنَا فَبَصَقَ فِيهَا وَبَارَكَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بُرْمَتِنَا فَبَصَقَ فِيهَا وَبَارَكَ. ثُمَّ قَالَ: " ادْعِى خَابِزَةً فَلْتَخْبِزْ مَعَكِ، وَاقْدَحِى مِنْ بُرْمَتِكُمْ، وَلا تُنْزِلُوهَا ". وَهُمْ أَلْفٌ. فَأُقْسِمُ بِاللهِ، لأَكَلُوَا حَتَّى تَرَكُوهُ وَانْحَرَفُوا، وَإِنَّ بُرْمَتَنَا لَتَغِطُّ

ــ

حديث جابر وفضله يوم الخندق:

قال القاضى: قوله: " رأيت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمصاً ": أى رأيته ضامر البطن، وأخمص: حالة البطن من الجوع.

وقوله: " فانكفأت إلى امرأتى ": أى انصرفت وانقلبت.

وقوله: " فأخرجت لى جراباً فيه صاع من شعير ": الجراب: وعاء من جلد.

وقوله: " ولنا بهيمة داجن "، قال الإمام: لعله أراد تصغير بهمة. والبهم: صغار الغنم. والداجن: ما ألف البيت.

وقوله: " إن جابراً صنع لكم سوراً فحيهلا بكم ": السور: هو الطعام بالفارسية.

قال القاضى: [وقال غيره] (١) هو الدعوة للطعام بالفارسية. قال الطبرى: أى اتخذ طعاماً لدعوة الناس، كلمة فارسية. فيه أن النبى - عليه السلام - قد كان يتكلم بالفارسية وغيرها من لغات الأمم.

وقوله: " فحيهلا بكم "، قال الإمام: ذكر الهروى فى الحديث: " إذا ذكر الصالحون فحيهلا بعمر " (٢)، أن معناه: حى هلم، وهلا حثاً، فجعلا كلمة واحدة، يريد: إذا ذكروا فهات وعجل بعمر، وذكر فى موضع آخر من كتابه: معنى " حى ": [أى] (٣) أسرع بذكره، ومعنى " هلا ": أى أسكن عند ذكره حتى تنقضى فضائله، ومنه قول ليلى: وأى حصان لا يقال لها هلا.

أى أسكن للزوج، فإن شددت اللام من " هلا " صارت للوم والتحضيض.

قال القاضى: كان فى هذا الكلام من العلم تعبير عما فى كتاب الهروى، فجئنا به على الصواب، إذ عنه حكاه (٤).


(١) سقط من الأصل، والمثبت من ح.
(٢) مسند أحمد ٦/ ١٤٨.
(٣) ساقطة من ح.
(٤) انظر: غريب الحديث للهروى ٤/ ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>