للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَمَا هِىَ، وَإِنَّ عَجِينَتَنَا - أَوْ كَمَا قَالَ الضَّحَّاكُ - لَتُخْبَزُ كَمَا هُو.

١٤٢ - (٢٠٤٠) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، قَالَ: قَرَأتُ عَلَى مَالِكٍ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ أَبُو طَلْحَةَ لأُمِّ سُلَيْمٍ: قَدْ سَمِعْتُ صَوْتَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَعِيفًا، أَعْرِفُ فِيهِ الْجُوعَ، فَهَلْ عِنْدَكِ مِنْ شَىْءٍ؟ فَقَالَتْ: نَعَمْ. فَأَخْرَجَتْ أَقْرَاصًا مِنْ شَعِيرٍ، ثُمَّ أَخَذَتْ خِمَارًا لَهَا، فَلَفَّتِ الْخُبْزَ بِبَعْضِهِ،

ــ

وفى هذه اللفظة لغات: قال الأحمر: يقال: حى هل وهل وهلا. وحكى أبو عبيد: حى هلك، قال غيره: يقال: حى هل، مثل بل لكثرة الحركات والوقف، تشبيهاً بصه وَمَه، وحى هلا مثل " على " مقصور، [و" حى هلاً " منون على المصدر، و" حى هلن " بالنون] (١)، و" حى هل " بنصب اللام لكثرة الحركات، و" حى هل " بسكونهما مثل بخ بخ، تشبيهاً بها، و" حى هلك " بالكاف.

وجاء فيها - أيضاً - " حى على " بمعناها. ومعناه عند أبى عبيد: عليك بكذا أو ادع بكذا. وقال السلمى: " حى " أعجل و" هلا " صلة.

وتقدم الكلام على حمل النبى الناس إلى منزل أبى طلحة ولم يستأذنه فى ذلك، وكذلك فعل فى حديث جابر [هذا.

وقول امرأة جابر] (٢). " بك وبك ": إشفاقاً من فضيحتها بأن طعامها لا يقوم بالناس، وكذلك فى حديث أبى طلحة من قوله: " قد جاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالناس وليس عندنا ما يطعمهم "، لكن كان عند زوجته من اليقين ما يثبته بقولها: " الله وسوله أعلم "، وقد يحتمل أن امرأة جابر ظنت أنه لم يبين للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقدار الطعام؛ ولذلك قال لها: " قد فعلت الذى قلت لى " يعنى قولها: " لا تفضحنى برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن معه "، أى لا تدع إلا بمقدار الطعام، ولذلك ساره النبى - عليه السلام - بالأمر.

ومعنى قولها: " بك وبك " عتباً، كأنما قالت له: برأيك وسوء نظرك للإفتاء فعلت هذا، وبك تلحق الفضيحة، وبك يتعلق الذم. أو يكون كالدعاء عليه بذلك، أوقع الله بك الفضيحة وأدناك اللوم. وقد تكون الباء بمعنى: من أجل، أى من أجلك حل بنا ما يتوقعه من الفضيحة والخزى مع الناس.

وقوله: " فجاء رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقدم الناس ": هذا جاء له هنا؛ لأنه دعاهم لهذا الطعام، فهم يسيرون خلفه له فلا يتقدمونه، وكانت عادته فى غير هذا إذا مشى مع الناس أن يتقدمهم (٣) بين يديه؛ كيلا يتخلق بأخلاق أهل الكبر والدنيا فى وطء عقبه الذى ذم فاعل ذلك - عليه السلام.


(١) و (٢) سقط من ح.
(٣) فى ح: يقدمهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>