للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَافِلَةُ، وَإِذَا هُنَّ حُفَّلٌ كُلُّهُنَّ. فَعَمَدْتُ إِلَى إِنَاءٍ لآلِ مُحمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كَانُوا يَطْمَعُونَ أَنْ يَحْتَلِبُوا فِيهِ. قَالَ: فَحَلَبْتُ فِيهِ حَتَّى عَلَتْهُ رَغْوَةٌ "، فَجِئْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: " أَشَرِبْتُمْ شَرَابَكُمُ اللَّيْلَةَ؟ " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اشْرَبْ. فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِى. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اشْرَبْ. فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِى. فَلَمَّا عَرَفْتُ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَوِىَ، وَأَصَبْتُ دَعْوَتَهُ، ضَحِكْتُ حَتَّى أُلْقِيتُ إِلَى الأَرْضِ. قَالَ: فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِحْدَى سَوْآتِكَ يَا مِقْدَادُ ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَانَ مِنْ أَمْرِى كَذَا وَكَذَا، وفَعَلْتُ كَذَا. فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا هَذِهِ إِلا رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ، أَلا كُنْتَ آذَنْتَنِى، فَنُوقِظَ صَاحِبَيْنَا فَيُصِيبَانِ مِنْهَا ". قَالَ: فَقُلْتُ: وَالَّذِى بَعَثَكَ بِالْحَقِّ، مَا أُبَالِى إِذَا أَصَبْتَهَا وَأَصَبْتُهَا مَعَكَ، مَنْ أَصَابَهَا مِنَ النَّاسِ.

(...) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

١٧٥ - (٢٠٥٦) وحدّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِىُّ وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، جَمِيعًا عَنِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ - وَاللَّفْظُ لابْنِ مُعَاذٍ - حَدَّثَنَا

ــ

وبركة من بركاته؛ لحاجته إلى شرابه ذلك الوقت، وكما كن حلبن قبل هذا واستخرج ما فيهن من لبن.

وقوله: " فلما عرفت أن النبى روى وأصبت دعوته، ضحكت حتى ألقيت إلى الأرض ": أى سقط من كثرة الضحك، يريد: ذهبت بما كان من الحزن على فعله من شرب شراب النبى، وسرّ بإجابة دعوة النبى ليسقى من سقاه، وإطعام من أطعمه.

وبشرب النبى - عليه السلام - وريه من اللبن وتعجبه من قبح فعله أولاً وحسنه آخراً، وكون ذلك على يديه وذريعة لإعلام النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالقضية، ولذلك قال له النبى - عليه السلام -: " إحدى سوآتك " وفى رواية الهوزمى وأراها رواية، وابن ماهان: " أخبرنى بسوأتك "، وليس بشىء، هو تصحيف، والصواب الأول، أى ضحكك هذا من أحد الأفعال السيئة من أفعالك. فأخبره خبره فقال - عليه السلام -: " ما كانت هذه إلا رحمة من الله ": أى إحداث هذا اللبن فى غير حينه وعادته، وإن كان الكل من فضل الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>