للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُعْتَمِرُ، حَدَّثَنَا أَبِى، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ - وَحَدَّثَ أَيْضًا - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلاثِينَ وَمِائَةً. فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " هَلْ مَعَ أَحَدٍ مِنْكُمْ طَعَامٌ؟ ". فَإِذَا مِعَ رَجُلٍ صَاعٌ مِنْ طَعَامٍ أَوْ نَحْوُهُ، فَعُجِنَ، ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ - مُشْرِكٌ مُشْعَانٌ طَوِيلٌ - بِغَنَمٍ يَسُوقُهَا. فَقَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَبَيْعٌ أَمْ عَطِيَّةٌ - أَوْ قَالَ - أَمْ هِبَةٌ؟ " فَقَالَ: لا. بَلْ بَيْعٌ. فَاشْتَرَى مِنْهُ شَاةً، فَصُنِعَتْ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَوَادِ الْبَطْنَ أَنْ يُشْوَى. قَالَ: وَايْمُ اللهِ، مَا مِنَ الثَّلاثِينَ وَمِائَةً إِلا حَزَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُزَّةً حُزَّةً مِنْ سَوَادِ بَطْنِهَا، إِنْ كَانَ شَاهِدًا أَعْطَاهُ، وإِنْ كَانَ غَائِبًا خَبَأَ لَهُ.

قَالَ: وَجَعَلَ قَصْعَتَيْنِ، فَأَكَلْنَا مِنْهُمَا أَجْمَعُونَ، وَشَبِعْنَا، وَفَضَلَ فِى الْقَصْعَتَيْنِ، فَحَمَلْتُهُ عَلَى الْبَعِيرِ - أَوْ كَمَا قَالَ.

ــ

وقوله: " روى " بكسر الواو، وكذا يقال فى الشرب: روى يروَى، بفتحها فى المستقبل. وأما " روى " بفتحها فى الماضى وكسرها فى المستقبل كذا الاستقاء على الإبل وغيرها فى الرواية ونحوها، وكذلك فى رواية الحديث وغيره.

وقوله فى حديث عبد الرحمن بن أبى بكر: " هل مع أحد منكم طعام؟ " فإذا مع رجل صالح [من طعام] (١) فأمر به فعجن، وذكر أنهم كانوا مائة وثلاثين: فيه استدعاء الفاضل من أصحابه ما معهم، لاسيما إذا كان ليطعمهم إياه ويشبع جميعهم.

فيه: واشترى لى الشاة، وأنهم جعلوا الطعام قصعتين، فأكلوا أجمعون من ذلك، وفضلت فضلة من القصعتين حملت على البعير، وأنه أمر بسوادِ بطن الشاة فشوى، وأنه حز لكل واحد من المائة وثلاثين حزة من سواد بطنها، إن كان شاهداً أعطاه وإن كان غائباً خبأ له. وسواد البطن قيل: الكبد، وقد يحتمل أنه جميع الحشى.

وكيف كان؟ ففى هذا الخبر معجزتان: إحداهما: [فى] (٢) تكثير سواد البطن حتى وسع هذا العدد، والأخرى: تكثير الصاع ولحم الشاة حتى وسعهم أجمعين وشبعوا، كما جاء فى الحديث: " وفضلت منه فضلةٌ ".

قال الإمام: وقوله فى الحديث: فجاء رجل مشرك مشعانُ. [قال الأصمعى: رجل مشعان] (٣) وشعر مشعان، وهو الثائر المتفرق.


(١) فى الأصل وح: شعير.
(٢) من الأصل، وأسقطت فى ح.
(٣) من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>