للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ تَعَشَّى عِنْدَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ثُمَّ لَبِثَ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعِشَاءُ، ثُمَّ رَجَعَ فَلَبِثَ حَتَّى نَعَسَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَجَاءَ بَعْدَ مَا مَضَى مِنَ اللَّيْلِ مَا شَاءَ اللهُ. قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ: مَا حَبَسَكَ عَنْ أَضْيَافِكَ - أَوْ قَالَتْ ضَيْفِكَ؟ - قَالَ: أَوَ مَا عَشَّيْتِهِمْ؟ قَالَتْ: أَبَوْا حَتَّى تَجِىءَ، قَدْ عَرَضُوا عَلَيْهِمْ فَغَلَبُوهُمْ. قَالَ: فَذَهَبْتُ أَنَا فَاخْتَبَأْتُ، وَقَالَ: يَا غُنْثَرُ فَجَدَّعَ وَسَبَّ. وَقَالَ: كُلُوا، لا هَنِيْئًا. وَقَالَ: وَاللهِ، لا أَطْعَمُهُ أَبَدًا. قَالَ: فَايْمُ اللهِ، مَا كُنَّا نَأخُذُ مِنْ لُقْمَةٍ إِلا رَبَا مِنْ أَسْفَلِهَا أَكْثَرَ مِنْهَا. قَالَ: حَتَّى شَبِعْنَا، وَصَارَتْ أَكْثَرَ مِمَّا كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ. فَنَظَرَ إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هِىَ كَمَا هِىَ أَوْ أَكْثَرُ. قَالَ لامْرَأَتِهِ: يَا أُخْتَ بَنِى فِرَاسٍ، مَا هَذَا؟ قَالَتْ: لا. وَقُرَّةِ عَيْنِى! لَهِىَ الآنَ أَكْثَرُ مِنْهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِثَلاثِ مِرَارٍ. قَالَ: فَأَكَلَ مِنْهَا أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ: إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ - يَعْنِى يَمِينه - ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا لُقْمَةً، ثُمَّ حَمَلَهَا إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ. قَالَ: وَكَانَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمٍ عَقْدٌ فَمَضَى الأَجَلُ، فَعَرَّفْنَا اثْنَا عَشَر رَجُلاً، مَعَ كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ أُنَاسٌ، اللهُ أَعْلَمُ كَمْ معَ كُلِّ رَجُلٍ، إِلا أَنَّهُ بَعَثَ مَعَهُمْ فَأَكَلُوا مِنْهَا أَجْمَعُونَ - أَوْ كَمَا قَالَ.

١٧٧ - (...) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوْحٍ العَطَّارُ، عَنِ الْجُرَيْرِىُّ، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ، قَالَ: نَزَلَ عَلَيْنَا أَضْيَافٌ لَنَا. قَالَ: وَكَانَ أَبِى يَتَحَدَّثُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ اللَّيْلِ. قَالَ: فَانْطَلَقَ وَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، افْرُغْ مِنْ أَضْيَافِكَ. قَالَ: فَلَمَّا أَمْسَيْتُ جِئْنَا بِقِرَاهُمْ. قَالَ: فَأَبَوْا. فَقَالُوا: حَتَّى يَجِىءَ أَبُو

ــ

الأمور وأعظم المواساة، وإن جعل لواحد مثله؛ لأن عيال النبى لم يكونوا عشرين حتى تكون العشرة من حساب لكل اثنين واحد، وإنما هذا على الحديث الآخر عن جابر.

وأما فعل أبى بكر ومجيؤه بثلاثة وعد من عياله نحو خمسة، فهو على الحديث الأول عن أبى هريرة: " طعام الاثنين كافى الثلاثة " (١)، وعلى مضمون حديث عبد الرحمن هذا " من كان عنده طعام أربعة فليذهب بخامس، بسادس ".

وما ذكر من تعشى أبى بكر عند النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتغيبه عن أضيافه، فيه: جواز مثل هذا إذا كان وراءه من يقوم بأمرهم كعبد الرحمن هذا.

[وقوله] (٢): " أفرغ إلى أضيافك ": أى اقصد لهم واعتمد على شغلهم، وهو


(١) حديث رقم (١٧٨) بالباب التالى.
(٢) ساقطة من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>