للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد يحتمل أنه يمنع من لباسه بعد دخول الجنة لكن ينسيه الله أمره، وشغله عن ذكره، يشغله بلذات أخر عنه حتى يقضى الله أمر حبسه عنه أو أبداً، ويكون [هذا منها] (١) أثناء ذلك بحالة غير ملتفت إلى ما نقصه من لباسه، ولا حاسد غيره عليه، ولا منتغص (٢) بذلك، ولا ذاكر له؛ ليتم لذته دون [نغص] (٣) ولا حسد ولا رؤية نقص لحاله؛ إذ لا حزن ولا نغص فى الجنة، ولا يرى أحد منهم أن منزلة غيره فوقه، ولا لذة فوق لذته، كما أن أهل الغرف فى عليين يراهم من دونهم كالكوكب الدرى فى أفق السماء، ثم من دونهم لا نقص عنده بحالهم ولا نقص لحاله دونهم.

وقد يكون معنى قوله: " لم يلبسه فى الآخرة " إذ حرم أن يلبسه فى الآخرة مدة عقابه إذا عوقب على معصيته بارتكاب النهى. وهذا الحديث وشبهه يدل على تحريم لباسه مع النص، وفى بعضها بقوله: " حرام على ذكورها " (٤).

وقوله: " أن أكيدر دومة أهدى للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثوب حرير ": فيه قبول الخليفة هدية الملوك والمشركين، وكان ملك أيلة، وأسلم بعد هذا، وقبول الأمراء هدايا المشركين، وقد تقدم الكلام على هذا قبل.

و" دومة " بالفتح (٥) حكاه ابن دريد (٦)، قال: والمحدثون يضمون (٧) الدال وهو خطأ.

قال القاضى: وقد رويناه عن الجُلة بالوجهين، وكذا (٨) ضبطناه عن ابن سراج وغيره (٩).

وقوله فى حديث عقبة: " أهدى لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فروج حرير فلبسه، ثم صلى فيه، ثم نزعه " الحديث، وكذلك فى حديث جابر فى قصة عمر: لبس النبى له كان قبل تحريمه على الرجال ونزول الوحى بذلك، ألا تراه كيف قال فى حديث عمر: " إن جبريل نهانى عنه ". وهذا أولى من قول من قال: لعله نزعه لكونه من زى العجم.

وقوله: " أوشك أن نزعه ": أى أسرع وأقرب، وكذا قوله: " فأوشك ما نزعته "، هذا يرد قول الأصمعى فى أن هذه اللفظة لا تأتى فى الماضى، ولا يقال: أوشك، وإنما تأتى فى المستقبل: " يوشك " بكسر الشين، وقد ذكر فيه " أوشك " الخليل وغيره.


(١) فى ح: هو راضياً.
(٢) وهو كدر العيش. انظر: اللسان مادة " نغص ".
(٣) فى ح: نقص.
(٤) الطبرانى فى المعجم الكبير ٥/ ٢١١ (٥١٢٥)، ومجمع الزوائد ٥/ ١٤٦، وقال: إن زيد بن ثابت بن أرقم ضعيف.
(٥) فى هـ: بالضم، عن الرسالة، وموافقة لكتب اللغة والجمهرة.
(٦) انظر جمهرة العرب ٢/ ٣٠١.
(٧) فى هـ - نقلاً عن الرسالة -: يفتحون.
(٨) فى ح: وكذلك.
(٩) مشارق الأنوار ١/ ٢٦٥، النهاية ٢/ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>