للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) حدّثنى أَبُو غَسَّانَ الْمِسْمَعِىُّ. حَدَّثَنَا مُعَاذٌ - وَهُوَ ابْنُ هِشَامٍ - قَالَ: حَدَّثَنِى أبِى عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى أَبُو قِلابَةَ، عَنْ ثَابِتِ بْنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَيْسَ عَلَى رَجْلٍ نَذْرٌ فِيمَا لا يَمْلِكُ، وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَىْءٍ

ــ

على أَنَّ من حلف بصَدقة ما يملك أو عتق ما يملك فى المستقبل أو طلاق [من] (١) يتزوج لا يلزمه (٢)، وإن خص، وهذا عندنا محمول على أنه أراد [لا صدقة فيما هو ملك للغير الآن، ليس على أنه بعد] (٣) مصيره إليه، ونحن إنما ألزمناه فيه ما عقد (٤) على نفسه بعد أن صار ملكًا له فلم يكن (٥) فى الحقيقة طلاقه وصدقته إلا فيما ملك. وهذه المسائل يتسعُ الكلام فيها، وليس هذا موضع بسطه.

قال القاضى: أما من حلف بصدقة مال غيره، أو طلاق امرأة ليست بزوجته، أو عتق عبد غيره دون تعليق بشرط، فلا خلاف بين العلماء [أنه] (٦) لا يلزمه شىء إلا شىء حكى عن أبى (٧) ليلى فى العتق إذا كان موسراً أعتقوا عليه، ثم رجع عنه، وإنما اختلفوا إذا علق اليمين بملكه (٨)، فلم يلزمه الشافعىُّ وأصحابهُ شيئًا مما حلف عليه (٩) وألزمه أبو حنيفة كلَّ شىء حلف عليه خصَّ أو عمَّ (١٠)، ووافقه مالك فى المشهور عنه إذا خصَّ، وخالفه إذا عمَّ وأدخلَ على نفسه الحَرجَ وله قول كقول الشافعى.

وقوله: " لعنُ المؤمن كقتله ": كذا هو فى الحديث عند مسلم (١١)، قال الإمام:


(١) من ت، والمعلم.
(٢) فى الإكمال: لا يلزم.
(٣) فى الإكمال: لا صدقة فيما هو ملك للغير لا لأن ليس على أنه تَعمَّد مصيره إليه، وفى النسخة الأصلية: الآن ليس على، وكلاهما غير واضح المراد، والمثبت من المعلم.
(٤) فى الإكمال: ما يحقه.
(٥) فى ق والإكمال: يقع.
(٦) ساقطة من الأصل.
(٧) فى الأصل: ابن.
(٨) أى فى المستقبل.
(٩) لأنه عنده من يمين اللغو.
(١٠) لأنه لا لغو عنده فى المستقبل.
وقد اختلف فى تفسير يمين اللغو. فذهب الحنفية إلى أنها: اليمين الكاذبة خطأ أو غلطًا فى الماضى أو فى الحال.
وعرَّفها الشافعى بأنها: اليمين التى لا يقصدها الحالف، وهو ما يجرى على ألسن الناس فى كلامهم من غير قصد اليمين، من قولهم: لا والله، وبلى والله، سواء كان فى الماضى أو الحال، أو المستقبل.
وعند أبى حنيفة: لا لغو فى المستقبل، واليمين على أمر فيه يمين معقودة، وفيها الكفارة إذا حنث، قصد اليمين أو لم يقصد، وإنما اللغو فى الماضى والحال فقط. بدائع الصنائع ٤/ ١٥٧٤.
وقد ذهب فريق من العلماء إلى أن المراد بيمين اللغو هو اليمين على المعاصى.
(١١) نبه بهذا القاضى - رحمه الله - على ما جاء فى نسخة المعلم، حيث جاءت العبارة فيه: قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من لعن مؤمنًا فكأنما قتله ".

<<  <  ج: ص:  >  >>