للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) حدّثنا عَمْرٌو النَّاقِدُ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ. قَالَ عَمْرٌو: حَدثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُنْكَدِرِ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: وُلِدَ لِرَجُلٌ مِنَّا غُلام، فَسَمَّاهُ الْقَاسِمَ، فَقُلْنَا: لا نَكْنِيكَ أَبَا الْقَاسِمِ، وَلا نُنْعِمُكَ عَيْنًا. فَأَتَى النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: " أَسْمِ ابْنَكَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ ".

(...) وحدّثنى أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ - يَعْنِى ابْنَ زُرَيعٍ. ح وَحَدَّثَنِى عَلِىُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنِى ابْنَ عُلَيَّةَ - كِلاهُمَا عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ، بِمِثْلِ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ. غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ: وَلا نُنْعِمُكَ عَيْنًا.

ــ

قال القاضى: كان المنافقون والمستهزئون يعنون النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمثل هذا، فلما أجابهم قالوا: لم نعنك؛ استهزاء واستخفافاً، فنهى النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [عن هذا.

ففيه ما يجب من توقير النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (١) وتخصيصه بالبر والإكرام، وأن يتميز فى حقوقه من غيره، وقد قال الله تعالى: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كدُعَاءِ بَعْضِكُم بَعْضًا} (٢)، قيل فيه: لاتنادوه باسمه ولكن عظموه ووقروه، ونادوه بأشرف ما يحب: يا نبى الله، يا رسول الله، على أحد التأولين.

واختلف الناس، هل النهى عام أو خاص أو هو منسوخ؟ فذهب طائفة من السلف - وهو مذهب أهل الظاهر - إلى أن التكنى وحده بأبى القاسم ممنوع، كيف كان الاسم، على ظاهر هذا الحديث. وذهب آخرون من السلف إلى منع التكنى بأبى القاسم، وكذلك تسمية الولد: القاسم؛ لئلا يكون سببها التكنية، حتى غير مروان - حين بلغه الحديث - اسم ابنه عبد الملك، وكان اسمه القاسم، فسماه حينئذ عبد الملك، وفعله بعض الأنصار - أيضاً - وحجتهم ظاهر هذا الحديث أيضاً.

وذهب آخرون من السلف - أيضاً - إلى أن الممنوع الجمع بين الكنية والاسم، وأنه لا بأس بالتكنى بأبى القاسم مجردًا، ما لم يكن الاسم محمدًا أو أحمد، أو بالتسمية بأحمد أو محمد مجردًا، ما لم تكن التكنية بأبى القاسم. وروى فى ذلك حديث جابر عنه - عليه السلام -: "من تسمى باسمى فلا يتكنى بكنيتى، ومن تكنى بكنيتى فلا يتسمى باسمى" (٣).

وذهب آخرون إلى أن النهى فى ذلك منسوخ بالرخصة، والإباحة لذلك منهم بحديث على، وطلحة، واستشهاد على ناسًا أن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص فى ذلك (٤) وهو قول


(١) سقط فى ح.
(٢) النور: ٦٣.
(٣) أبو داود، ك الأدب، ب من رأى ألا يجمع بينهما ٤/ ٢٩٢ رقم (٤٩٦٦).
(٤) انظر: أبا داود، السابق، وكذا الترمذى، ك الأدب، حديث رقم (٢٨٤٣) وقال: حديث صحيح ٥/ ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>