للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨ - (٢١٣٤) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تَسَمَّوْا بِاسْمِى، وَلا تَكَنَوْا بِكُنْيَتِى ". قَالَ عَمْرٌو: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ. وَلَم يَقُلْ: سَمِعْتُ.

ــ

أكثر السلف، وقول جماعة فقهاء الأمصار وجمهور العلماء، وقد سمى جماعة ممن لا تنعد منهم أبناءهم: محمدًا، وكنوهم بأبى القاسم.

وذهب لطبرى إلى أن هذا ليس بنسخ، وأنما كان من النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على [جهة] (١) الندب لا [على] (٢) الإيجاب (٣).

قال القاضى: وهذا لا يخلصه من النسخ؛ فإن الندب حكماً من أحكام الشرع، وإذا نهى عن شىء لذلك ثم أباحه، فقد نسخ حكمه من الندب والكراهة إلى حكم الجواز والإباحة. وشذ آخرون، فمنعوا التسمية باسم النبى جملة، كيفما تكنى، وروى فى ذلك عن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حديث: " تسموا (٤) أولادكم محمدًا، ثم تلعنوهم " (٥).

وقد كتب عمر إلى الكوفة: لا تسموا أحدًا باسم نبى. وأمر جماعة بالمدينة بتغيير أسماء أبنائهم (٦) محمدًا، حتى ذكر له جماعة أن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سماهم بذلك فتركهم، والأشبه أن فعل عمر لهذا إعظامًا لاسم النبى وتوقيرًا له، كما جاء فى الحديث: " يسمون أبناءهم محمدًا، ثم يلعنونهم " (٧).

وقيل: إن سببه أنه سمع رجلاً يقول لابن أخيه محمد بن زيد بن الخطاب: فعل الله بك يا محمد وصنع بك، فدعا عمر به وقال: لا أرى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسب بك، والله لا تدعى محمدًا أبداً ما بقيت، وسماه بعبد الرحمن، فبذلك يعرف.

وقوله: " فإنما أنا قاسم، أقسم بينكم ": يشعر أن الكنية إنما تكون بسبب وصف


(١) و (٢) ساقطة من الأصل.
(٣) انظر: الفتح لابن حجر ١٠/ ٤٧٣، الأحكام للآمدى ١/ ٩١.
(٤) فى الأصل: سموا، وهو تصحيف.
(٥) أخرجه أبو يعلى فى مسنده ٦/ ١١٦، والبزار فى كشف الأستار، رقم (١٩٨٧) بلفظ: " تسمونهم محمدًا، ثم تسبونهم "، قال الهيثمى فى المجمع: رواه أبو يعلى والبزار، وفيه الحكم بن عطية، وثقه ابن معين، وضعفه غيره، وبقيه رجاله رجال الصحيح ٨/ ٤٨.
(٦) أبناء طلحة بن عبيد الله. انظر: مسند أحمد ٤/ ٢١٦، والهيثمى فى مجمع الزوائد ٨/ ٥١ وقال: رجال أحمد رجال الصحيح.
(٧) السابق عند أبى يعلى والبزار.

<<  <  ج: ص:  >  >>