للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٥ - (...) وَحَدَّثَنِيهِ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِىُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو اليَمَانِ، أَخَبْرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، أَخْبَرَنَا عَلِىُّ بْنُ حُسَيْنٍ؛ أَنَّ صَفِيَّةَ زَوْجَ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّهَا جَاءَتْ إِلى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزُورُهُ، فِى اعْتِكَافِهِ فِى المَسْجِدِ، فِى العَشْرِ الأَوَخِرِ منْ رَمَضَانَ.

ــ

وقوله: " يقذف ": أى يلقى. وفيه جواز زيارة النساء المعتكف له فى معتكفه، وتحدثهن معه، وأن ذلك خير مفسد لاعتكافه، لكنه يُكره كثرة: مجالسته لهن خوف الذريعة، وأما الممنوع فاستلذاذه بهن كيف كان، من قليل أو كثير، ليلاً أو نهارًا، فى المسجد أو غيره. وفيه ما يجب على المسلم من التحرز من الناس من سوء الظن، وطلب السلامة من الناس، والتحفظ من صغير الذنب. وقد مر من هذا فى الاعتكاف.

وقولها: " ثم قمت لأنقلب فقام معى ليقلبنى ": بفتح الباء، أى ليصرفنى ويشيعنى. ظاهر هذا جوازه للمعتكف ما لم يخرج من المسجد؛ ولذلك ترجم عليه البخارى: " خروج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد " (١) لأنه فى هذا الحديث إنما بلغ معها باب المسجد، فمر رجلان من الأنصار - وذكر الحديث. فليس فيه أنه شيعها خارج المسجد، وكان بيت صفية خارج المسجد.

ولم يختلف العلماء فى جواز خروجه خارج المسجد لما لا غنى له عنه؛ من وضوء، وغسل جنابة، أو غائط، وبول وشبهه، إذ لم يمر تحت سقف (٢). [واختلفوا إذا دخل تحت سقف] (٣) واختلف قول مالك فى خروجه لشراء، حاجته (٤)، على ما قدمناه فى الاعتكاف.

ولم يختلفوا أنه لا يفسد اعتكافه خروجه إلى باب المسجد أو مشيه فى المسجد للإمامة والأذان وشبهه، وإن اختلفوا فى كراهة تصرفه لغير ضرورة؛ كزيارة مريض فيه، أو صلاة على جنازة، أو الصعود إلى المنار للأذان، أو الجلوس إلى قوم ليصلح بينهم. وكره مالك ذلك كله أن يفعله. واختلف قوله فى صعوده للمنار وقد تقدم [هذا] (٥) كله.

وقوله: " على رسلكما " بكسر الراء، الرسل والترسل: السكون والسير اللين، وحكى فيه فتح الراء أيضاً، وكل شىء هيّن رسل.

وقولهما له: " سبحان الله ": فيه جواز مثل هذا عند تعظيم الأمر والتعجب، قال


(١) البخارى، ك صلاة التراويح، ب الاعتكاف: هل يخرج المعتكف لحوائجه إلى باب المسجد؟ ٢/ ٢٥٧.
(٢) قال ابن المنذر: هذا إجماع من أهل العلم. انظر: الإجماع ص ٥٤.
(٣) سقط من الأصل، والمثبت من ح.
(٤) المدونة ١/ ٢٨٨.
(٥) ساقطة من الأصل، والمثبت من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>