للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالتْ: إِنِّى إِنْ رَخَّصْتُ لكَ أَبى ذَاكَ الزُّبَيْرُ. فَتَعَالَ فَاطْلبْ إِلىَّ، وَالزُّبَيْرُ شَاهِدٌ. فَجَاءَ فَقَالَ: يَا أُمَّ عَبْدِ اللهِ، إِنِّى رَجُلٌ فَقِيرٌ، أَرَدْتُ أَنْ أَبِيعَ فِى ظِلِّ دَارِكِ. فَقَالتْ: مَالكَ بِالمَدِينَةِ إِلا دَارِى؟ فَقَالَ لهَا الزُّبَيْرُ: مَالِك أَنْ تَمْنَعِى رَجُلاً فَقِيرًا يَبِيعُ؟ فَكَانَ يَبِيعُ إِلى أَنْ كَسَبَ. فَبِعْتُهُ الجَارِيَةَ، فَدَخَلَ عَلىَّ الزُّبَيْرُ وَثَمَنُهَا فِى حَجْرِى. فَقَالَ: هَبِيهَا لِى. قَالتْ: إِنِّى قَدْ تَصَدَّقْتُ بِهَا.

ــ

وقولها فى الفقير الذى جاء يستأذنها فى أن يبيع (١) فى ظل دارها. فيه أن الجلوس فى أفنية الدور وحيث قد يتأذى بالجلوس فيها لا يباح إلا باذن أربابها، إلا [أن يكون] (٢) لهم حق فى الفناء، ولا تأذى عليهم من انكشاف أو تضييق طريق أو غيره. وفيه أن صاحب المنزل مندوب إلى إباحة ذلك؛ لقول الزبير: " مالك أن تمنعنى رجلاً فقيراً يبيع " وفى توقفها هى عن إجابته مخافة منع الزبير؛ إما لغيرته أو لما توقعته من ذلك. وأمرها له أن يسألها ذلك بحضرته؛ لعلمها أنه إذا لم يكن ابتداءً من قبلها لم يمنعه، فيه حسن الملاطفة فى الأمور والمداراة الحسنة مع الأزواج وغيرهم.

وفيه أن للزوج أن يمنع [زوجته] (٣) من الإذن فى أمر يخشى ضرره أو عقباه، وأنه ليس له التحكم فى مال زوجته وحقوقها إلا برضاها إذا لم يبح له هو ذلك وإنما نهاها عن منعه، وفيه سؤال الزوج الهبة من زوجته، وأنه لا يراعى بينهما ثلث المال كما يراعى فى الأجنبى إذا كان ثمن المملوكة التى سألها جملة مالها إذا لحق الزوج، فإذا كانت الهبة له بجميع مالها، وقبل ذلك فهو رضا وتسويغ كما لو سوغ ذلك له أجنبى.


(١) فى ز: تبيع.
(٢) فى ز: أن لا يكن، والمثبت من ح.
(٣) ساقطة من ز، والمثبت من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>