للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧١ - (...) حَدَّثَنِى نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ الجَهْضَمِىُّ، حَدَّثَنِى أَبِى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سُليْمَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، قَالَ: جَاءَنَا جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ فِى أَهْلنَا، وَرَجُلٌ يَشْتَكِى خُرَاجًا بِهِ أَوْ جِرَاحًا. فَقَالَ: مَا تَشْتَكِى؟ قَالَ: خُرَاجٌ بِى قَدْ شَقَّ عَلىَّ. فَقَالَ: يَا غُلامُ، ائْتِنِى بِحَجَّامٍ. فَقَالَ لَهُ: مَا تَصْنَعُ بِالحَجَّامِ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ أُعَلقَ فِيهِ مِحْجَمًا. قَالَ وَاللهِ، إِنَّ الذُّبَابَ ليُصِيبُنِى، أَوْ يُصِيبُنِى الثَّوْبُ، فَيُؤْذِينِى، وَيَشُقُّ عَلىَّ. فَلَمَّا رَأَى تَبَرُّمَهُ مِنْ ذَلِكَ قَالَ: إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنْ كَانَ فِى شَىْءٍ مِنْ أَدْوِيَتِكُمْ خَيْرٌ، فِفِى شَرْطَةِ مَحْجَمٍ، أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ عَسَلِ، أَوْ لذْعَةٍ بِنَارٍ ". قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " وَمَا أُحِبُّ أَنْ أَكْتَوِىَ ". قَالَ: فَجَاءَ بِحَجَّامٍ فَشَرَطَهُ، فَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ.

٧٢ - (٢٢٠٦) حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا ليْثٌ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا الليْثُ عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ؛ أَنَّ أُمَّ سَلمَةَ اسْتَأذَنَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى الحِجَامَةِ، فَأَمَرَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا طَيْبَةَ أَنْ يَحْجُمَهَا.

ــ

وأما الحديث الآخر وهو قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إن كان فى شىء من أرديتكم خير ففى شرطة محجم، أو شربة عسل، أو لذعة بنار ": فإن هذا من البديع عند من علم صناعة الطب، وذلك أن سائر الأمراض الامتلائية؛ إما أن تكون دموية، أو صفراوية، أو سوداوية، أو بلغمية (١).

فإن كانت دموية فشفاؤها بإخراج الدم. وإن كانت من الثلاثة أقسام الباقية فشفاؤها بالإسهال المسهل الذى يليق بكل خلق منها، فكأنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نبه بالعسل عند المسهلات، وبالحجامة عن الفصد (٢). ووضع القلق وغيرهما مما فى معناهما.

وقد قال بعض الناس فإن الفصد قد يدخل فى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " شرطة محجم "، فإذا أعينى الدواء فآخر الطب الكى، فذكره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الأدوية لأنه يستعمل عند غلبة الطباع لقوى الأدوية، وحيث لا ينفع الدواء المشروب. فيجب أن يتأمل ما فى كلامه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من هذه الإشارات وتعقيبه بقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ما أحب أن أكتوى "، إشارة إلى أن يؤخر العلاج به حتى تدفع الضرورة إليه، ولا يوجد الشفاء إلا فيه؛ لما فيه من استعجال الألم الشديد فى دفع ألم قد يكون أضعف من ألم الكى.


(١) القانون فى الطب لابن سينا ١/ ١٣ - ١٧.
(٢) الفصد: أى الشق، يقال: فصد العرق: شقه. المعجم الوسيط ٢/ ٦٩٠، القانون فى الطب ١/ ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>