للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٦ - (٢٢٦٣) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عُمَرَ الْمَكِّىُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِى، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِىِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرينَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمَ تَكْذِبُ، وأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا، وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمَسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مَنْ النُّبُوَة، وَالرُؤْيَا ثَلاَثَةُ: فَرُؤْيَا الصَالِحَةِ بَشْرَى مِنْ اللهِ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ. فَإِنْ رَأَى أَحَدُكُمْ

ــ

وإذا لم يذكرها لأحد ولم يفصل له تفسيرها بقى بين الطمع والرجاء من أنه أهل (١) لها تفسيراً حسنًا، أو أنها من أضغاث الأحلام أو حديث النفس، فكان أسكن لنفسه وأقل لتعذيب قلبه.

واختلف المتكلمون فى النائم المستغرق فى النوم جميع أجزاء قلبه، فقيل: لا يصح ضرب المثل لمثل هذا ولا رؤياه؛ لأن ضرب المثل إنما يرجع إلى الاعتقاد ووجوده بالمضروب، وهذا لا يصح من المستغرق، ولا يحضر هذا ملك ولا شيطان. ورأى من قال هذا أن النوم آفة، يخرج الحى عن صفات التميز والظنون والتخيل والاعتقادات، كما يخرجه عن صفة العلم.

ولم يرض آخرون هذا المذهب، وقالوا: إن النائم يصح مع استغراق أجزاء قلبه ألا يمتنع ألا يكون ظانًا ومتخيلاً، واتفقوا على أنه لا يصح أن يكون عالماً، وذهب هذا إلى أن النوم آفة يمغ حصول الاعتقادات الصحيحة فى اليقظة دون ما فى المنام.

والصحيح عند المحققين من شيوخنا المتكلمين القول الأول، وأن الظنون والخيالات والاعتقادات جنس واحد مضادة للعلوم، وأنه لا يصح منه اعتقاد إلا أن يكون بعض أجزاء قلبه ولا نوم به فيه يرى ويضرب له المثل، ولا يلزم ما ألزمهم الآخرون أنه إذا كان كذلك فهو إذاً مكلف، مخاطبٌ، وقد أسقط عنه الشرع ذلك؛ لأن هذا ليس بحقيقة وجود العلم وصحة الميز، وإنما بقيت [عندهم] (٢) فيه عند الرؤيا بقية حياة وميز بضرب (٣) بضرب المثل لا بحقيقة الأشياء، بدليل مشاهدته وحاله.

وقوله: " إذا أقترب الزمان لم يكن (٤) رؤيا المؤمن كذب (٥) قال الإمام: اختلف الناس فى معناه، قال بعضهم: المراد به: إذا اقترب من اعتدال [الكتاب والنهايعان] (٦) فإن الرؤيا حينئذ لم تكن تكذب، وبهذا فسره أبو داود (٧).


(١) فى ح: لعل.
(٢) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(٣) تكررت هذه الكلمة فى ز.
(٤) فى ح: تكد.
(٥) فى ح: تكذب. وكذلك ما أثبتناه من الحديث المطبوع رقم "٩" من هذا الكتاب.
(٦) فى ح: الليل والنهار.
(٧) انظر ٢٨ سنن أبى داود، ك الأدب، ب ما جاء فى الرؤيا (٥٠١٩) ومعالم السنن، ك الأدب، ب الرؤيا ٤/ ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>