للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرَأَيْتُ فِيهَا أَيْضًا بَقَرًا، وَاللهُ خَيْرٌ، فَإِذَا هُمُ النَّفَرُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ أُحُد، وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ بَعْدُ، وَثَوَابُ الصِّدْقِ الَّذِى آتَانَا اللهُ بَعْده، يَوْمِ بَدْرٍ ".

٢١ - (٢٢٧٣) حدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ سَهْل التَّمِيمِىُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعيْبٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى حُسَيْنٍ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَدِمَ مُسَيْلِمَةُ

ــ

يصول بسيفه. وقد يكون السيف ولده أو والده أو أخاه أو عمه، وقد يكون زوجته، وقد يدل على الولاية والوديعة، وعلى لسان الرجل وحجته، وقد يدل على السلطان الجائر. وكل ذلك بحسب قرائنه عند [أهل] (١) الرؤيا التى تشهد لأحد الوجوه وتخصها به، أو قرائن حال الرائى فى نفسه ووقته. وخص النبى - عليه السلام - هنا أصحابه وأنصاره لهزه إياه، وكون ذلك دلالة على استعماله فى الحرب مع قرائن حال النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى محاربة أعدائه.

وقوله: " رأيت فيها أيضاً بقراً، والله خير، فإذا هم النفر من المؤمنين يوم أحد، وإذا الخير ما جاء من الخير، بعد وثواب الصدق الذى آتانا الله بعد يوم بدر ": كذا جاء الحديث فى كتاب مسلم وفيه زيادة فى غيره (٢): " ورأيت بقراً ينحرونه "، تصح عبارة الرؤيا بما جاء فى الحديث؛ إذ [دل نحر] (٣) البقر على قتل من قتل من أصحابه. قال بعض أهل هذا اللسان (٤): إنما تأولهم على أصحابه؛ لأن البقر شبه رجال الحرب؛ لما معها من أسلحتها التى هى قرونها ولمدافعتها بها ومناطحتها بعضها بعضاً.

قال القاضى: وقد كانت العرب تستعمل القرون فى الرماح عند عوز أسنة الحديد. وشبهت الفتن بصياصى البقر - وهى قرونها - وبوجوهها؛ لتشابه بعضها بعضاً.

وخص أصحابه بذلك من غيرهم ومن عداهم، وليس فى الرؤيا يا دليل ظاهر على تخصيصه بهم لقرائن الحال؛ لأن البقر قد يعبر بها عن أهل الحرب والبادية، ومن يثير الأرض لأنها تثيرها، وبها يقوم ذلك، ولأن الذكر منها ثور وكانت هذه صفة أصحاب النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الأنصار وأصحاب المدينة؛ لاشتغالهم بالفلاحة والزراعة، ولم تكن تلك صفة من عداهم من قريش، أو لأن أصحابه الثائرون معه على العرب والقائمون بدعوة الإسلام حينئذ، ولتحريكهم جهتهم من الأرض وقلتهم ظاهرها وباطنها.

ويحتمل - والله أعلم - أنه إنما تأول نحر (٥) البقر بمن يقتل من أسمها، وشبهه بنفر، ألا تراه كيف قال: " ورأيت فيها بقراً، فإذا هم النفر من المؤمنين " الحديث - والله أعلم.

وقوله: " والله خير ": قال أكثر من تكلم على الحديث: معناه: وثواب الله خير، يعنى للمقتولين من حياتهم وبقارهم (٦) فى الدنيا. وقيل: " والله خير ": أى صنع الله خيراً لهم وهو قتلهم يوم أحد (٧). وقيل: فى الكلام تقديم وتأخير، وتقديره:


(١) ساقطه من ز.
(٢) انظر مسند أحمد ١/ ٢٧١، رواه الدارمى، ك الرؤيا، باب فى القمص والبير واللبن ٢/ ١٢٩.
(٣) فى ح: ذل بحر.
(٤) فى ح. الشأن.
(٥) فى ز: بحر.
(٦) فى ز: وفقرهم.
(٧) فى الأصل، ح: بدر، والصواب أحد، كما جاء فى المطبوعة والإكمال.

<<  <  ج: ص:  >  >>