للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٢٢٧٤) فقال ابْنُ عَبَّاسٍ: فَسَأَلْتُ عَنْ قَوْلِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّكَ أَرَى الَّذِى أُرِيتُ فِيكَ مَا أُرِيتُ "، فَأَخْبَرَنِى أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُ فِى يَدَىَّ سُوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ، فَأَهَمَّنِى شَأنَهُمَا، فَأُوحِىَ إِلىَّ فِى الْمَنَامِ أَن انْفُخْهُمَا، فَنَفَخْتُهُمَا فَطَارَا، فَأَوَّلْتُهُمَا كَذَّابَيْنِ يَخْرُجَانِ مِنْ بَعْدِى. فَكأَنَّ أَحَدُهُمَا الْعَنْسِىَّ، صَاحِبَ صَنْعَاءَ، والآخَرُ مُسَيْلمَةَ، صَاحِبَ الْيَمَامَةِ ".

٢٢ - (...) وحدّثنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ ابْنِ مُنَبِّه، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ خَزَائِنَ الأَرْضِ، فَوَضَعَ فِى يَدَى أُسْوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ،

ــ

بيده، وهى سعفة النخلة " ما أعطيتكها " يريد ما تقدم أول الحديث من قوله: إن جعل لى محمد الأمر من بعده تبعته.

قوله: " لن أتعدى أمر الله فيك ": كذا فى جميع نسخ مسلم، وفى كتاب البخارى " ولن يعدو أمر الله فيك " (١). قال الكنانى (٢): وهو الصواب. ولعل مافى مسلم: " ولن تعدى "، والألف زائدة.

قال القاضى: والوجهان صحيحان لن يعدو أمر الله فيه خيبته مما أمل وهلاكه، أو مما قدر عليه من شقاوة وسبق أمر الله فيه. ولن يعدو النبى أمر الله فيه فى أنه لا يجيبه إلى ما طلب مما لا ينبغى له، وأن يبلغه ما أنزل عنه، ويدفع أمره بالتى هى أحسن.

قوله: " ولئن أدبرت ليعقرنك الله ": أى إن لم تجب إلى اتباعى، وتقبل ما جئت به ليهلكنك الله، كما كان من قتله بعده. وهذا من جملة آياته - عليه السلام - والعقر: القتل، ومنه: {فَعَقَرُوا النَّاقَةَ} (٣).

وقوله: " وهذا ثابت يجيبك عنى ": كان ثابت بن قيس بن شماس خطيب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو كان المجاوب للوفود عن خطبهم وتشدقهم.

وقوله: " وإنى لأراك الذى أريت فيه ما أريت " وذكر أنه رأى فى يديه سوارين من ذهب، وفى الرواية الأخرى: " سوارين فأهمه شأنهما، فأوحى إليه فى المنام: أن انفخهما، فنفخهما، فطارا، فأولتهما كذابين يخرجان من بعدى "، وفى الحديث


(١) البخارى، ك التوحيد، ب قول الله تعالى: {إنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ} [النحل: ٤٠].
(٢) وهو يحيى بن عمر بن يوسف أبو زكريا الأندلسى الفقيه، وشيخ المالكية، سكن القيروان، ثقة، ضابطاً لكتبه، له شهرة كبيرة بإفريقيا، وكانوا لا يروون، المدونة والموطأ إلا عنه، له من التصانيف: كتاب الرد على الشافعى والمنتخبة، وله كتب فى أصول السنة مثل: الميزان، الرؤيا، ت ٢٨٩ هـ. انظر: ترتيب المدارك ٢/ ٤٣٤، السير ٣/ ٤٦٢.
(٣) الأعرف: ٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>