للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وحدّثناه أَبُو كُرَيْبٍ وَابْنُ نُمَيْرٍ جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ عَنْ هِشَامٍ، بِهَذَا الإسْنَادِ، إلَى قَوْلِهِ: أيْسَرَهُمَا. وَلَمْ يَذْكُرَا مَا بَعْدَهُ.

٧٩ - (٢٣٢٨) حدّثناه أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلا امْرَأَةً، وَلا خَادِمًا، إلا أَنْ يُجَاهِدَ فىِ سَبِيلِ اللهِ. وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَىْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إلا أَنْ يُنْتَهَكَ شَىْءٌ مِنْ

ــ

وقولها: " وما ضرب شيئاً قط بيده ولا امرأة ولا خادمًا، إلا أن يجاهد فى سبيل الله ": فيه دليل على جواز ضرب النساء والخدم للأدب؛ إذ لو لم يكن مباحًا لم يتحرج بالتنزه عنه. وفيه حجة على أن التنزه عنه أفضل بأهل المروءات والفضل.

وقولها: " وما انتقم رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لنفسه إلا أن ينتهك حرمة الله ": فيه ما كان عليه - عليه السلام - من الحلم والصبر. وما كان [عليه السلام] (١) من القيام بالحق والصلابة فيه، وهذا هو الخلق الحسن المحمود، فإنه لو كان يترك ذلك كله فى حق الله تعالى وفى حق غيره كان ضعفاً ومهانة، ولو كان ينتقم أيضاً لنفسه فى كل شىء لم يكن ثَمَّ صبر ولا حلم ولا احتمال، وكان هذا الخلق بطشًا وانتقامًا، فانتفى عنه الطرفان المذمان، وبقى وسطها، وخير الأمور أوسطها، وكلا طرفى قصد الأمور ذميم.

ويحتمل قوله: " إلا أن تنتهك حرمة الله " استئناء مما تقدم وفى حقه من أذاه - عليه السلام - فيما فيه غضاضة عن الدين، فذلك من انتهاك حرمات الله.

قال بعض علمائنا: لا يجوز أن يؤذى النبى بفعل مباح ولا غيره، وأما غيره من الناس فتجوز إذايته بما يباح للإنسان فعله، ولا يباح أن يمنع من إذايته، واحتج بقول النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى مراده على تزويج بنت أبى جهل، أى لا أحرم ما أحل الله، " وأن فاطمة يؤذينى ما أذاها، ولا يجتمع ابنة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وابنة عدو الله عند رجل أبدًا " (٢) وبقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} الآية (٣) فأطلق وعمم، وقال: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا} (٤). [فقيد وشرط {بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا}] (٥).


(١) من ح.
(٢) البخارى، ك النكاح، ب ذب الرجل عن ابنته فى الغيرة والإنصاف (٥٢٣٠)، مسلم، ك فضائل الصحابة، ب فضائل فاطمة بنت النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٢٤٤٩/ ٩٣)، أبو داود، ك النكاح، ب ما يكره أن يجمع بينهن من النساء (٢٠٧١)، الترمذى، ك المناقب، ب فضل فاطمة بنت محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (٣٨٦٧) وقال: هذا حديث حسن صحيح، ابن ماجة، ك النكاح، ب الغيرة (١٩٩٨).
(٣) الأحزاب: ٥٧.
(٤) الأحزاب: ٥٨.
(٥) سقط من الأصل، والمثبت من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>