للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَاتَ يَوْمٍ فَصَعِدَ الْمِنْبرَ. فَقَالَ: " سَلُونِى، لاَ تَسْأَلُونِى عَنْ شَىءٍ إِلاَّ بَيَّنْتُهُ لَكُمْ "، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ الْقَومُ أَرَمُّوا، وَرَهِبُوا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ يَدَىْ أَمْرٍ قَدْ حَضَرَ.

قَالَ أَنَسٌ: فَجَعَلْتُ أَلْتَفِتُ يَمِينًا وَشِمَالاً، فَإِذَا كُلُّ رَجُلٍ لاَفٌّ رَأسَهُ فِى ثَوْبِهِ يَبْكِى، فَأَنْشَأَ رَجُلٌ مِنَ الْمَسْجِدِ، كَانَ يُلاَحَى فَيُدْعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ. فَقَالَ: يَا نَبِىَّ اللهِ، مَنْ أَبِى؟ قَالَ: " أَبُوكَ حُذَافةُ ". ثُمَّ أَنْشَأَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضْىَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ: رَضِينَا بِاللهِ رَبًّا، وبِالإِسْلاَمِ دِينًا، وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً، عَائِذًا بِاللهِ مِنْ سُوءِ الْفِتَنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ قَطُّ فِى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، إِنِّى صُوِّرَتْ لِىَ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ، فَرَأَيْتُهُمَا دُونَ هَذَا الْحَائِطِ ".

(...) حَدّثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيب الْحَارِثِىُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ - يَعْنِى ابْنَ الْحَارِثِ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عَدِىٍّ، كِلاَهُمَا عَنْ هِشَامٍ. ح وَحَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ النَّضْرِ التَّيْمىُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِى. قَالا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ، بِهَذِهِ الْقِصَّةِ.

١٣٨ - (٢٣٦٠) حَدّثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَرَّادِ الأَشْعَرِىُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ الْهَمْدَانِىُّ قَالاَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ؛ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ: سُئِلَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيْهِ غَضِبَ. ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ: " سَلُونِى عَمَّ شِئْتُم "، فَقَالَ رَجُلٌ: مَنْ

ــ

أن يقوله إلا عن وحى، إذ لا يعلم من أمور المغيبات إلا ما علمه الله.

وقول عمر: " رضينا بالله ربًّا " الحديث، فسكت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حين قال ذلك: يبين أن النبى إنما قال ذلك لهم غضبًا، كما قال فى رواية أخرى: " وسكن غضبه "، ومذهبه واختياره لهم خلافه من ترك المساءلة لكن ساعدهم على ذلك لجوازه لهم، ولما رأى من حرصهم فيه، وليبين قدر ما علمه الله به، ويغيظ بذلك الكفار والمنافقين، ويقطع بهم فى منزعهم فى تعنيته فى السؤال، ومعاقبته لهم بكئرة سؤالهم، وبإعلامهم بكل ما سألوا عنه. وفيه ما يسوء بعضهم إن كانوا قد أكثروا عليه وأخفوه فى السؤال كما جاء فى الحديث الآخر بعده، وكما قال فى الرواية الأخرى للذى سأله: أين أنا؟ قال: " فى النار "، ويحتمل أنه من المنافقين المستوجبين لها والعاصين.

وقيل: بل قاله - عليه السلام - عقابًا وغضبًا لتعنيته إياه بسؤاله، فاستوجب به النار. ومعنى " سكت " هنا: صمت ويحتمل أنه بمعنى: سكن، كما جاء فى الحديث

<<  <  ج: ص:  >  >>